@ 558 @ بإجماع من النحويين . فأوردت هذا الخلاف فيها ، تنبيهاً على أن ذلك ليس بإجماع ، إذ طلاقه يدل على المنع ألبتة . وقراءة ابن أبي حبيب : بضم الطاء ، توجيهها أنه أتبع حركة الطاء لحركة الراء ، وهو شاذ . وأما قراءة أبي بالنون فيهما ، فهي مخالفة لرسم المصحف ، فهي شاذة . وقراءة ابن عباس بصيغة الأمر يكون تكرير قال على سبيل التوكيد ، أو ليكون ذلك جملتين ، جملة بالدعاء لمن آمن ، وجملة بالدعاء على من كفر ، فلا يندرجان تحت معمول واحد ، بل أفرد كلاً بقول . واضطره على هذه القراءة ، هو بفتح الراء المشدّدة ، كما تقول : عضه بالفتح ، وهذا الإدغام هو على لغة غير الحجازيين ، لأن لغة الحجازيين في مثل هذا الفك . ولو قرأ على لغة قومه ، لكان اضطره إلى عذاب يتعلق بقوله : ثم أضطره . ومعنى الاضطرار هنا هو أنه يلجأ ويلز إلى العذاب ، بحيث لا يجد محيصاً عنه إذا حد ، لا يؤثر دخول النار ولا يختاره . ومفهوم الشرط هنا ملغي ، إذ قد يدخل النار بعض العصاة من المؤمنين . { وَبِئْسَ الْمَصِيرُ } المخصوص بالذم محذوف لفهم المعنى ، أي وبئس المصير النار ، إن كان المصير اسم مكان ، وإن كان مصدراً على رأي من أجاز ذلك فالتقدير : وبئست الصيرورة صيرورته إلى العذاب . .
{ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ } : هذه الجملة معطوفة على ما قبلها ، فالعامل في إذ ما ذكر أنه العامل في إذ قبلها . ويرفع في معنى رفع ، وإذ من الأدوات المخلصة للمضارع إلى الماضي ، لأنها ظرف لما مضى من الزمان . والرفع حالة الخطاب قد وقع . وقال الزمخشري : هي حكاية حال ماضية ، وفي ذلك نظر . من البيت : هو الكعبة . ذكر المفسرون في ماهية هذا البيت وقدمه وحدوثه ، ومن أي شيء كان باباه ، وكم مرة حجة آدم ، ومن أي شيء بناه إبراهيم ، ومن ساعده على البناء ، قصصاً كثيرة . واستطردوا من ذلك للكلام في البيت المعمور ، وفي طول آدم ، والصلع الذي عرض له ولولده ، وفي الحجر الأسود ، وطولوا في ذلك بأشياء لم يتضمنها القرآن ولا الحديث الصحيح . وبعضها يناقض بعضاً ، وذلك على جري عاداتهم في نقل ما دب وما درج . ولا ينبغي أن يعتمد إلا على ما صح في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ) . قال ابن عطية : والذي يصح من هذا كله أن الله أمر إبراهيم برفع القواعد من البيت ونشاحه في قوله : أمر ، إذ لم يأت النص بأن الله أمر بذلك . { الْقَوَاعِدِ } : تقدّم تفسيرها في الكلام على المفردات ، وهل هي الأساس أو الجدر ؟ فإن كانت الأساس ، فرفعها بأن يبني عليها ، فتنتقل من هيئة الانخفاض إلى هيئة الارتفاع ، وتتطاول بعد التقاصر . قال الزمخشري : ويجوز أن يكون المراد بها ساقات البناء ، ويجوز أن يكون المعنى ما قعد من البيت ، أي استوطىء ، يعني جعل هيئة القاعدة المستوطأة مرتفعة عالية بالبناء . .
{ مِنَ الْبَيْتِ } : يحتمل أن يكون متعلقاً بيرفع ، ويحتمل أن يكون في موضع الحال من القواعد ، فيتعلق بمحذوف تقديره : كائنة من البيت . ولم تضف القواعد إلى البيت ، فكان يكون الكلام قواعد البيت ، لما في عدم الإضافة من الإيضاح بعد الإبهام وتفخيم شأن المبين . { وَإِسْمَاعِيلَ } : معطوف على إبراهيم ، فهما مشتركان في الرفع . قيل : كان إبراهيم يبني وإسماعيل يناوله الحجارة . وقال عبيد بن عمير : رفع إبراهيم وإسماعيل معاً ، وهذا ظاهر القرآن . وروي عن ابن عباس أن إسماعيل طفل صغير إذ ذاك ، كان يناوله الحجارة . وروي عن علي : أن إسماعيل كان إذ ذاك طفلاً صغيراً ، ولا يصح ذلك عن عليّ . ومن جعل الواو في وإسماعيل واو الحال ، أعرب إسماعيل مبتدأ وأضمر الخبر ، التقدير : وإسماعيل يقول