@ 555 @ الكافر لا يدعى له بذلك . ألا ترى أن قريشاً لما طغت ، دعا عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ) : ( اللهم اشدد وطأتك على مضر ، واجعلها عليهم سنين ، كسني يوسف ) ، وكانت مكة إذ ذاك قفراً ، لا ماء بها ولا نبات ، كما قال : { بِوَادٍ غَيْرِ ذِى زَرْعٍ } فبارك الله فيما حولها ، كالطائف وغيره ، وأنبت الله فيه أنواعاً من الثمر . وروي أن الله تعالى لما دعاه إبراهيم ، أمر جبريل فاقتلع فلسطين ، وقيل : بقعة من الأردن ، فطاف بها حول البيت سبعاً ، فأنزلها بواد ، فسميت الطائف بسبب ذلك الطواف ، وقال بعضهم : % ( كل الأماكن إعظاماً لحرمتها % .
تسعى لها ولها في سعيها شرف .
) % .
وذكر متعلق الإيمان ، وهو الله تعالى واليوم الآخر ، لأن في الإيمان بالله إيماناً بالصانع الواجب الوجود ، وبما يليق به تعالى من الصفات ، وفي الإيمان باليوم الآخر إيمان بالثواب والعقاب المرتبين على الطاعة والمعصية اللذين هما مناط التكليف المستدعي مخبراً صادقاً به ، وهم الأنبياء . فتضمن الإيمان باليوم الآخر الإيمان بالأنبياء ، وبما جاؤا به . فلما كان الإيمان بالله واليوم الآخر يتضمن الإيمان بجميع ما يجب أن يؤمن به ، اقتصر على ذلك ، لأن غيره في ضمنه . ودعاء إبراهيم لأهل البيت يعم من يطلق عليه هذا الاسم ، ولا يختص ذلك بذريته ، وإن كان ظاهر قوله : { وَارْزُقْهُمْ مّنَ الثَّمَراتِ } مختصاً بذريته لقوله : { إِنَّى أَسْكَنتُ مِن ذُرّيَّتِى } لعود الضمير في وارزقهم عليه ، فيحتمل أن يكونا سؤالين . ومن : في قوله : من الثمرات للتبعيض ، لأنهم لم يرزقوا إلا بعض الثمرات . وقيل : هي لبيان الجنس ، ومن بدل من أهله ، بدل بعض من كل ، أو بدل اشتمال مخصص لما دل عليه المبدل منه ، وفائدته أنه يصير مذكوراً مرتين : إحداهما بالعموم السابق في لفظ المبدل منه ، والثانية بالتنصيص عليه ، وتبيين أن المبدل منه إنما عنى به وأريد البدل فصار مجازاً ، إذ أريد بالعام الخاص . هذه فائدة هذين البدلين ، فصار في ذلك تأكيد وتثبيت للمتعلق به الحكم ، وهو البدل ، إذ ذكر مرتين . .
{ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ } : قرأ الجمهور من السبعة : فأمتعه ، مشدّداً على الخبر . وقرأ ابن عامر : فأمتعه ، مخففاً على الخبر . وقرأ هؤلاء : ثم اضطره خبراً . وقرأ يحيى بن وثاب : فأمتعه مخففاً ، ثم أضطره بكسر الهمزة ، وهما خبران . وقرأ ابن محيصن : ثم أضطره ، بإدغام الضاد في الطاء خبراً . وقرأ يزيد بن أبي حبيب : ثم اضطره بضم الطاء ، خبراً . وقرأ أبي بن كعب : فنمتعه ثم نضطره بالنون فيهما . وقرأ ابن عباس ومجاهد وغيرهما : { فَأُمَتّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ } على صيغة الأمر فيهما ، فأما على هذه القراءة فيتعين أن يكون الضمير في : قال ، عائداً على إبراهيم ، لما دعا للمؤمنين بالرزق ، دعا على الكافرين بالأمتاع القليل والإلزازا إلى العذاب . ومن : على هذه القراءة يحتمل أن تكون في موضع رفع ، على أن تكون موصولة أو شرطية ، وفي موضع نصب على الاشتغال على الوصل أيضاً . وأما على قراءة الباقين فيتعين أن يكون الضمير في : قال ، عائداً على الله تعالى ، ومن : يحتمل أن يكون في موضع نصب على إضمار فعل تقديره : قال الله وارزق من كفر فأمتعه ، ويكون فأمتعه معطوفاً على ذلك الفعل المحذوف الناصب لمن . ويحتمل أن تكون من في موضع رفع على الابتداء ، إما موصولاً ، وإما شرطاً ، والفاء جواب الشرط ، أو الداخلة في خبر الموصول لشبهة باسم الشرط . ولا يجوز أن تكون من في موضع نصب على الاشتغال إذا كانت شرطاً ، لأنه لا يفسر العامل في من إلا فعل الشرط ، لا الفعل الواقع جزاء ، ولا إذا كانت موصولة ، لأن الخبر مضارع قد دخلته الفاء تشبيهاً ، للموصول باسم الشرط . فكما لا يفسر الجزاء ، كذلك لا يفسر الخبر المشبه بالجزاء . وأما إذا كان أمراً ، أعني الخبر نحو : زيداً فاضربه ، فيجوز أن يفسر ، ولا يجوز أن تقول : زيدا