@ 553 @ أثر أصابعه وعقبه وأخمص قدميه ، غير أنه أذهبه مسح الناس بأيديهم ، حكاه القشيري . أو حجر جاءت به أم إسماعيل إليه وهو راكب ، فاغتسل عليه ، فغرقت رجلاه فيه حين اعتمد عليه ، قاله الربيع بن أنس ؛ أو مواقف الحج كلها ، قاله ابن عباس أيضاً وعطاء ومجاهد ، أو عرفة والمزدلفة والجمار ، قاله عطاء والشعبي ، لأنه قام في هذه المواضع ودعا فيها ؛ أو الحرم له ، قاله النخعي ومجاهد ؛ أو المسجد الحرام ، قاله قوم . واتفق المحققون على القول الأول ورجح بحديث عمر : أفلا نتخذه مصلى ؟ الحديث ، وبقراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم ) د لما فرغ من الطواف وأتى المقام : { وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى } ، فدل على أن المراد منه ذلك الموضع ، ولأن هذا الاسم في العرف مختص بذلك الموضع ، ولأن الحجر صار تحت قدميه في رطوبة الطين حين غاصت فيه رجلاه ، وفي ذلك معجزة له ، فكان اختصاصه به أقوى من اختصاص غيره . فكان إطلاق هذا الاسم عليه أولى ، ولأن المقام هو موضع القيام ، وثبت قيامه على الحجر ولم يثبت على غيره . مصلى : قبلة ، قاله الحسن . موضع صلاة ، قاله قتادة . موضع دعاء ، قاله مجاهد ، والأولى الحمل على الصلاة الشرعية لا على الصلاة لغة . قال ابن عطية : موضع صلاة على قول من قال المقام : الحجر ، ومن قال غيره قال : مصلى ، مدعى على أصل الصلاة ، يعني في اللغة . انتهى . .
{ وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْراهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ } أي أمرنا أو وصينا ، أو أوحينا ، أو قلنا أقوال متقاربة المعنى . { أَن طَهّرَا } : يحتمل أن تكون أن تفسيرية ، أي طهرا ، ففسر بها العهد ، ويحتمل أن تكون مصدرية ، أي بأن طهرا . فعلى الأول لا موضع لها من الإعراب ، وعلى الثاني يحتمل الجرّ والنصب على اختلاف النحويين . إذا حذف من أن حرف الجر ، هل المحل نصب أو خفض ؟ وقد تقدّم لنا الكلام مرة في وصل أن بفعل الأمر ، وأنه نص على ذلك سيبويه وغيره ، وفي ذلك نظر ، لأن جميع ما ذكر من ذلك محتمل ، ولا أحفظ من كلامهم : عجبت من أن أضرب زيداً ، ولا يعجبني أن أضرب زيداً ، فتوصل بالأمر ، وون انسباك المصدر يحيل معنى الأمر ويصيره مستنداً إليه وينافي ذلك الأمر . والتطهير : المأمور به هو التنظيف من كل ما لا يليق به . وقد فسروا التطهير بالبناء والتأسيس على الطهارة والتوحيد ، قاله السدّي ، وهو بعيد ، وبالتطهير من الأوثان . وذكروا أنه كان عامراً على عهد نوح ، وأنه كان فيه أصنام على أشكال صالحيهم ، وأنه طال العهد ، فعبدت من دون الله ، فأمر الله بتطهيره من تلك الأوثان ، قاله جبير ومجاهد وعطاء ومقاتل . والمعنى : أنه لا ينصب فيه وثن ، ولا يعبد فيه غير الله . وقال يمان : معناه بخراه ونظفاه وخلقاه . وقيل : من الآفات والريب . وقيل : من الكفار . وقيل : من الفرث والدم الذي كان يطرح فيه . وقيل : معناه أخلصاه لهؤلاء ، لا يغشاه غيرهم ، والأولى حمله على لتطهير مما لا يناسب بيوت الله ، فيدخل فيه الأوثان والإنجاس ، وجميع الخبائث ، وما يمنع منه شرعاً ، كالحائض . .
{ بَيْتِىَ } : هذه إضافة تشريف ، لا أن مكاناً محل لله تعالى ، ولكن لما أمر ببنائه وتطهيره وإيفاد الناس من كل فج إليه ، صار له بذلك اختصاص ، فحسنت إضافته إلى الله بذلك ، وصار نظير قوله : { نَاقَةُ اللَّهِ } { وَرُوحٌ * اللَّهِ } ، من حيث أن في كل منهما خصوصية لا توجد في غيره ، فناسب الإضافة إليه تعالى . والأمر بتطهيره يقتضي سبق وجوده ، إلا إذا حملنا التطهير على البناء والتأسيس على الطهارة والتقوى . وقد تقدّم أنه كان مبنياً على عهد نوح . { لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ } : ظاهره أنه كل من يطوف من حاضر أو باد ، قاله عطاء وغيره . وقال ابن جبير : الغرباء الطارئون على مكة حجاجاً وزوّاراً ، فيرحلون عن قريب ، ويؤيده أنه ذكر بعده . والعاكفين ، قال : وهم أهل البلد الحرام المقيمون ، والمقيم مقابل المسافر . وقال عطاء : العاكفون هم الجالسون من غير طواف من بلديّ وغريب . وقال مجاهد : المجاورون له من الغرباء . وقال ابن عباس : المصلون ، لأن الذي يكون يدخل إلى البيت ، إنما يدخل لطواف أو صلاة . وقيل : هم المعتكفون . قال الزمخشري : ويجوز أن