@ 535 @ بالأمر ، ولا موجوداً بالأمر إلا وهو مأمور بالوجود . قال : ونظيره قيام الأموات من قبورهم لا يتقدّم دعاء الله ولا يتأخر عنه ، كما قال : { ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مّنَ الاْرْضِ إِذَا أَنتُمْ تَخْرُجُونَ } . فالهاء في له تعود على الأمر ، أو على القضاء الذي دلّ عليه قضى ، أو على المراد الذي دلّ عليه الكلام . انتهى ما نقلناه من كتابه . وقال مكي : معنى الآية أنه عالم بما سيكون وما هو كائن ، فقوله : كن ، إنما هو للموجود في علمه ليخرجه إلى العيان لنا . انتهى كلامه . وقال الزمخشري : كن فيكون ، من كان التامة ، أي أحدث فيحدث ، وهذا مجاز من الكلام وتمثيل ولا قول ، ثم كما لا قول في قوله : .
إذ قالت الأنساع للبطن ألحق .
وإنما المعنى : ما قضاه من الأمور وأراد كونه ، فإنما يتكوّن ويدخل تحت الوجود من غير امتناع ولا توقف . كما أن المأمور المطيع الذي يؤمر فيمتثل ، لا يتوقف ولا يمتنع ، ولا يكون منه الإباء . أكد بهذا استبعاد الولادة ، لأن من كان بهذه الصفة من القدرة ، كانت حاله مباينة لأحوال الأجسام في توالدها . انتهى كلامه . وقال السجاوندي : كن على التمثيل لنفاذ الأمر ، قال : % ( فقالت له العينان سمعاً وطاعة % .
وإلا فالمعدوم كيف يخاطب أو علامة للملائكة بحدوث الموجود ، أو على تقدير ما تصوّر كونه في علمه ، أو مخصوص في تحويل الموجود من حال إلى حال ، ولو كان كن مخلوقاً ، لاحتاج إلى أخرى ولا يتناهي ، فدكل على أن القرآن غير مخلوق . انتهى كلامه . قال المهدوي : وفي هذه الآية دليل على أن كلام الله غير مخلوق ، لأنه لو كان مخلوقاً لكان قائلاً له : كن ، ولكان قائلاً : لكن كن ، حتى ينتهي ذلك إلى ما لا يتناهى ، وذلك مستحيل مع ما يؤدّي إليه ذلك من أنه لا يوجد من الله فعل ألبتة ، إذ لا بد أن يوجد قبله أفعال ، هي أقاويل لا غاية لها ، وذلك مستحيل . ولا يجوز أن يحمل على المجاز ، إذ ذلك إنما يكون في الجمادات ، ولا يكون فيمن يصح منه القول إلا بدليل . ويقوي ذلك أن المصدر فيه الذي هو قولنا من قوله : { إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَىْء إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } ، وكد بمصدر آخر ، وهو أن نقول ، وأهل العربية مجمعون ، على أنهم إذا أكدوا الفعل بالمصدر كان حقيقة ، ولذلك جاء قوله : { وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً } ، إذ كان الله تعالى متولي تكليمه . وقد قيل : إن معنى فإنما يقول له كن فيكون بكونه . انتهى كلام المهدوي . وقال في المنتخب : كن فيكون ليس المراد أنه تعالى يقول كن ، فحينئد يكون ذلك الشيء ، فإن ذلك فاسد من وجوه ، فلا بد من تأويله ، وفيه وجوه : الأول : وهو الأقوى ، أن المراد نفاذ سرعة قدرة الله في تكوين الأشياء ، وإنما يخلقها لا لفكرة ، ونظيرة { قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ } . الثاني : أنها علامة يعقلها الملائكة ، إذا سمعوها علموا أنه أحدث أمراً ، قاله أبو الهذيل . الثالث : أنه جاء للموجودين الذين قال لهم : { كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ } ، ومن جرى مجراهم ، وهو قول الأصم . الرابع : أنه أمر للأحياء بالموت ، وللموتى بالحياة ، والكل ضعيف ، والقوي هو الأول . انتهى كلامه . .
هذا ما نقلناه من كلام أهل التفسير في الآية . وظاهر الآية يدل على أن الله تعالى إذا أراد إحداث شيء قال له : كن ،