@ 534 @ سمواته ، أي جاءت في الخلق على شكل مبتدع لم يسبق نظيره . وهذا الوجه ابتدأ به الزمخشري ، إلا أنه قال : وبديع السموات من إضافة الصفة المشبهة إلى فاعلها ، وهذا ليس عندنا . كذلك بل من إضافة الصفة المشبهة إلى منصوبها . والصفة عندنا لا تكون مشبهة حتى تنصب أو تخفض ، وأما إذا رفعت ما بعدها فليس عندنا صفة مشبهة ، لأن عمل الرفع في الفاعل يستوي فيه الصفات المتعدية وغير المتعدية . فإذا قلنا : زيد قائم أبوه ، فقائم رافع للأب على حدّ رفع ضارب له . إذا قلت : زيد ضارب أبوه عمراً ، لا تقول : إن قائماً هنا من حيث عمل الرفع شبه بضارب ، وإذا كان كذلك ، فإضافة اسم الفاعل إلى مرفوعه لا يجوز لما تقرّر في علم العربية ، إلا إن أخذنا كلام الزمخشري على التجوّز فيمكن ، ويكون المعنى من إضافة الصفة المشبهة إلى ما كان فاعلاً بها قبل أن يشبه . وحكى الزمخشري وجهاً ثانياً قال : وقيل البديع بمعنى المبدع ، كما أن السميع في قول عمرو : .
أمن ريحانة الداعي السميع .
بمعنى : المسمع ، وفيه نظر . انتهى كلامه . وهذا الوجه لم يذكر ابن عطية غيره ، قال : وبديع مصروف من مبدع ، كبصير من مبصر ، ومنه قول عمرو بن معدى كرب : % ( أمن ريحانة الداعي السمي % .
ع يؤرّقني وأصحابي هجوع .
) % .
.
يريد : المسمع والمبدع والمنشىء ، ومنه أصحاب البدع ، ومنه قول عمر بن الخطاب في صلاة رمضان : نعمت البدعة هذه ، انتهى . والنظر الذي ذكره الزمخشري ، والله أعلم ، أن فعيلاً بمعنى مفعل لا ينقاس مع أن بيت عمرو محتمل للتأويل . وعلى هذا الوجه يكون من باب إضافة اسم الفاعل لمفعوله . وقرأ المنصور : بديع بالنصب على المدح ، وقرىء بالجرّ على أنه بدل من الضمير في له . .
{ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } : لما ذكر ما دل على الاختراع ، ذكر ما يدل على طواعية المخترع وسرعة تكوينه . ومعنى قضى هنا : أراد ، أي إذا أراد إنشاء أمر واختراعه . قال ابن عطية : وقضى : معناه قدر ، وقد يجيء بمعنى : أمضى . ويتجه في هذه الآية المعنيان . فعلى مذهب أهل السنة : قدر في الأزل وأمضى فيه ، وعلى مذهب المعتزلة : أمضى عند الخلق والإيجاد . والأمر : واحد الأمور ، وليس هنا مصدر أمر يأمر . والمعتقد في هذه الآية أن الله لم يزل آمراً للمعدومات بشرط وجودها ، قادراً مع تأخر المقدورات ، عالماً مع تأخر وقوع المعلومات . وكل ما في الآية مما يقتضي الاستقبال فهو بحسب المأمورات ، إذ المحدثات تجيء بعد أن لم تكن ، وكلّ ما استند إلى الله من قدرة وعلم فهو قديم لم يزل . انتهى ما نقلناه هنا من كلامه . وقال المهدوي : { وَإِذَا قَضَى أَمْرًا } ، أي أتقنه وأحكمه وفرغ منه . ومعنى : فإنما يقول له كن فيكون ، يقول من أجله . وقيل : قال له كن ، وهو معدوم ، لأنه بمنزلة الموجود ، إذ هو عنده معلوم . قال الطبري : أمره للشيء بكن لا يتقدّم الوجود ولا يتأخر عنه ، فلا يكون الشيء مأموراً بالوجود إلا وهو موجود