@ 522 @ $ 1 ( سورة الكافرون ) 1 $ مكية .
بسم الله الرحمن الرحيم .
2 ( { قُلْ ياأَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ * وَلاَ أَنَآ عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ * وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِىَ دِينِ } ) ) 2 .
{ قُلْ ياأَهْلَ * أَيُّهَا * الْكَافِرُونَ * لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ * وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِىَ دِينِ } . .
هذه مكية في قول الجمهور . وروي عن قتادة أنها مدنية . وذكروا من أسباب نزولها أنهم قالوا له عليه الصلاة والسلام : دع ما أنت فيه ونحن نموّلك ونزوجك من شئت من كرائمنا ، ونملكك علينا ؛ وإن لم تفعل هذا فلتعبد آلهتنا ونحن نعبد إلهك حتى نشترك ، فحيث كان الخير نلناه جميعاً . ولما كان أكثر شانئه قريشاً ، وطلبوا منه أن يعبد آلهتهم سنة ويعبدوا إلهه سنة ، أنزل الله تعالى هذه السورة تبرياً منهم وإخباراً لا شك فيه أن ذلك لا يكون . وفي قوله : { قُلْ } دليل على أنه مأمور بذلك من عند الله ، وخطابه لهم بيا أيها الكافرون في ناديهم ، ومكان بسطة أيديهم مع ما في الوصف من الأرذال بهم دليل على أنه محروس من عند الله تعالى لا يبالي بهم . والكافرون ناس مخصوصون ، وهم الذين قالوا له تلك المقالة : الوليد بن المغيرة ، والعاصي بن وائل ، والأسود بن المطلب ، وأمية وأبيّ ابنا خلف ، وأبو جهل ، وابنا الحجاج ونظراؤهم ممن لم يسلم ، ووافى على الكفر تصديقاً للإخبار في قوله : { وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ } . وللمفسرين في هذه الجمل أقوال : .
أحدها : أنها للتوكيد . فقوله : { وَلا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ } توكيداً لقوله : { لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ } ، وقوله : { وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ } ثانياً تأكيد لقوله : { وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ } أولاً . والتوكيد في لسان العرب كثير جداً ، وحكوا من ذلك نظماً ونثراً ما لا يكاد يحصر . وفائدة هذا التوكيد قطع أطماع الكفار ، وتحقيق الأخبار بموافاتهم على الكفر ، وأنهم لا يسلمون أبداً . .
والثاني : أنه ليس للتوكيد ، واختلفوا . فقال الأخفش : المعنى لا أعبد الساعة ما تعبدون ، ولا أنتم عابدون السنة ما أعبد ، ولا أنا عابد في المستقبل ما عبدتم ، ولا أنتم عابدون في المستقبل ما أعبد ، فزال التوكيد ، إذ قد تقيدت كل جملة بزمان مغاير . .
وقال أبو مسلم : ما في الأوليين بمعنى الذي ، والمقصود المعبود . وما في الأخريين مصدرية ، أي لا أعبد عبادتكم المبنية على الشك وترك النظر ، ولا أنتم تعبدون مثل عبادتي المبنية على اليقين . وقال ابن عطية : لما كان قوله : { لاَ أَعْبُدُ } محتملاً أن يراد به الآن ، ويبقى المستأنف منتظراً ما يكون فيه ، جاء البيان بقوله : { وَلا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ } أبداً وما حييت . ثم جاء قوله : { وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ } الثاني حتماً عليهم أنهم لا يؤمنون به أبداً ، كالذي كشف الغيب . فهذا كما قيل لنوح عليه السلام : { وَأُوحِىَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ } . أما أن هذا في معينين ، وقوم نوح عموا بذلك ، فهذا معنى الترديد الذي في السورة ، وهو بارع الفصاحة ، وليس بتكرار فقط ، بل فيه ما ذكرته ، انتهى . .
وقال الزمخشري : { لاَ أَعْبُدُ } ، أريدت به العبادة فيما يستقبل ، لأن لا لا تدخل إلا على مضارع في معنى الاستقبال ، كما أن ما لا تدخل إلا على مضارع في معنى الحال ، والمعنى : لا أفعل في المستقبل ما تطلبونه مني من عبادة آلهتكم ، ولا أنتم فاعلون فيه