@ 514 @ الضحاك ، أو نمحها ، فلا نترك لها لفظاً يتلى ولا حكماً يلزم ، قاله ابن زيد ، أو نأمر بتركها ، يقال : أنسيته الشيء : أي أمرت بتركه ، ونسيته : تركته ، قال : % ( إن عليّ عقبة أقضيها % .
لست بناسيها ولا منسيها .
) % .
أي لا آمر بتركها . وقال الزجاج : قراءة ننسها ، بضم النون وسكون النون الثانية وكسر السين ، لا يتوجه فيها معنى الترك ، لأنه لا يقال : أنسى بمعنى ترك . وقال أبو علي الفارسي وغيره : ذلك متجه ، لأنه بمعنى نجعلك تتركها . وكذلك ضعف الزجاج أن تحمل الآية على النسيان الذي هو ضد الذكر ، وقال : إن هذا لم يكن للنبي صلى الله عليه وسلم ) ، ولا نسي قرآناً . وقال أبو عليّ وغيره : ذلك جائز ، وقد وقع ، ولا فرق بين أن ترفع الآية بنسخ أو بنسئه . واحتج الزجاج بقوله تعالى : { قَلِيلاً وَلَئِن شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِى أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ } ، أي لم نفعل . قال أبو علي : معناه لم نذهب بالجميع ، وحكى الطبري قول الزجاج عن أقدم منه . قال ابن عطية : والصحيح في هذا أن نسيان النبي صلى الله عليه وسلم ) ، لما أراد الله أن ينساه ، ولم يرد أن يثبته قرآناً جائزاً . وأما النسيان الذي هو آفة في البشر ، فالنبي صلى الله عليه وسلم ) معصوم منه ، قبل التبليغ ، وبعد التبليغ ، ما لم يحفظه أحد من الصحابة ، وأما بعد أن يحفظ ، فجائز عليه ما يجوز على البشر ، لأنه قد بلغ وأدى الأمانة ، ومنه الحديث ، حين أسقط آية ، فلما فرغ من الصلاة قال : ( أفي القوم أبي ؟ ) قال : نعم يا رسول الله ، قال : ( فلم لم تذكرني ؟ ) قال : خشيت أنها رفعت ) . فقال النبي صلى الله عليه وسلم ) : ( لم ترفع ولكني نسيتها ) . انتهى كلام ابن عطية . وأما من قرأ بالهمز فهو من التأخير ، تقول العرب : نسأت الإبل عن الحوض ، وأنسأ الإبل عن ظمئها يوماً أو يومين ، أو أكثر أخرها عن الورد . وأما في الآية فالمعنى : نؤخر نسخها أو نزولها ، قاله عطاء وابن أبي نجيح ، أو نمحها لفظاً وحكماً ، قاله ابن زيد ، أونمضها فلا ننسخها ، قاله أبو عبيدة ، وهذا يضعفه قوله : { نَأْتِ بِخَيْرٍ مّنْهَا } ، لأن ما أمضى وأقر ، لا يقال فيه نأت بخير منها . وحكي عن ابن عباس أن في الآية تقديماً وتأخيراً تقديره : ما نبدل من حكم آية نأت بخير منها ، أي أنفع منها لكم ، أو مثلها . ثم قال : أو ننساها ، أي نؤخرها ، فلا ننسخها ولا نبدلها . وهذه الحكاية لا تصح عن ذلك الحبر ابن عباس ، إذ هي محيلة لنظم القرآن . .
{ نَأْتِ } : هو جواب الشرط ، واسم الشرط هنا جاء بعده الشرط والجزاء مضارعين ، وهذا أحسن التراكيب في فعلي الشرط والجزاء ، وهو أن يكونا مضارعين . { بِخَيْرٍ مّنْهَا } : الظاهر أن خيراً هنا أفعل التفضيل ، والخيرية ظاهرة ، لأن المأتي به ، إن كان أخف من المنسوخ أو المنسوء ، فخيريته بالنسبة لسقوط أعباء التكليف ، وإن كان أثقل ، فخيريته بالنسبة لزيادة الثواب . { أَوْ مِثْلِهَا } : أو مساو لها في التكليف والثواب ، وذلك كنسخ التوجه إلى بيت المقدس بالتوجه إلى الكعبة . وذهب قوم إلى أن خيراً هنا ليس بأفعل التفضيل ، وإنما هو خير من الخيور ، كخير في قوله : { أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مّنْ خَيْرٍ مّن رَّبّكُمْ } ، فهو عندهم مصدر ، ومن لابتداء الغاية . ويصير المعنى : أنه ما ننسخ من آية أو نؤخرها ، نأت بخير من الخيور من جهة المنسوخ أو المنسوء ، لكن يبعد هذا المعنى قوله : { أَوْ مِثْلِهَا } ، فإنه لا يصح عطفه على قوله : { بِخَيْرٍ } على هذا المعنى ، إلا إن أطلق الخير على عدم التكليف ، فيكون المعنى : نأت بخير من الخيور ، وهو عدم التكليف ، أو نأت بمثل المنسوخ أو المنسوء ، فكأنه يقول : ما ننسخ من آية أو نؤخرها ، فإلى غير بدل ، أو إلى بدل مماثل ، والذي إلى غيره بدل ، هو خير أتاكم من جهة الآية المنسوخة أو المنسوءة ، إذ هو راحتكم من التكاليف . وأما عطف مثلها على الضمير المجرور في منها فيضعف لعدم إعادة الجار . .
{ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلّ شَيْء قَدِيرٌ } ؟ قال ابن عطية : ظاهره الاستفهام المحض ، فالمعادل هنا على