@ 465 @ً للفاعل ، مثلها نصباً ، وعنه : نخلق بالنون والضمير في مثلها عائد على المدينة التي هي ذات العماد في البلاد ، أي في بلاد الدنيا ، أو عائد على القبيلة ، أي في عظم أجسام وقوة . وقرأ ابن وثاب وثمود بالتنوين . والجمهور : بمنع الصرف . { جَابُواْ الصَّخْرَ } : خرقوه ونحتوه ، فاتخذوا في الحجارة منها بيوتاً ، كما قال تعالى : { وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ } بيوتاً . قيل : أول من نحت الجبال والصخور والرخام ثمود ، وبنوا ألفاً وسبعمائة مدينة كلها بالحجارة بالوادي ، وادي القرى . وقيل : جابوا واديهم وجلبوا ماءهم في صخر شقوه فعل ذي القوة والآمال . { ذِى * الاْوْتَادِ } : تقدم الكلام على ذلك في سورة ص . { الَّذِينَ } صفة لعاد وثمود وفرعون ، أو منصوب على الذم ، أو مرفوع على إضمارهم . { فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ } : أبهم هنا وأوضح في الحاقة وفي غيرها ، ويقال : صب عليه السوط وغشاه وقنعه ، واستعمل الصب لاقتضائه السرعة في النزول على المضروب ، قال : % ( فصب عليهم محصرات كأنها % .
شآبيب ليست من سحاب ولا قطر .
) % .
.
يريد : المحدودين في قصة الإفك . وقال بعض المتأخرين في صفة الحبل : % ( صببنا عليهم ظالمين شياطنا % .
فطارت بها أيد سراع وأرجل .
) % .
.
وخص السوط فاستعير للعذاب ، لأنه يقتضي من التكرار والترداد ما لا يقتضيه السيف ولا غيره . وقال الزمخشري : وذكر السوط إشارة إلى أن ما أحله بهم في الدنيا من العذاب العظيم بالقياس إلى ما أعد لهم في الآخرة ، كالسوط إذا قيس إلى سائر ما يعذب به . والمرصاد والمرصد : المكان الذي يترتب فيه الرصد ، مفعال من رصده ، وهذا مثل لإرصاده العصاة بالعقاب وأنهم لا يفوتونه . قال ابن عطية : ويحتمل أن يكون المرصاد في الآية اسم فاعل ، كأنه قال : لبالراصد ، فعبر ببناء المبالغة ، انتهى . ولو كان كما زعم ، لم تدخل الباء لأنها ليست في مكان دخولها ، لا زائدة ولا غير زائدة . .
{ فَأَمَّا الإِنسَانُ } : ذكر تعالى ما كانت قريش تقوله وتستدل به على إكرام الله تعالى وإهانته لعبده ، فيرون المكرم من عنده الثروة والأولاد ، والمهان ضده . ولما كان هذا غالباً عليهم وبخوا بذلك . والإنسان اسم جنس ، ويوجد هذا في كثير من أهل الإسلام . وقال الزمخشري : فإن قلت : بم اتصل قوله : { فَأَمَّا الإِنسَانُ } ؟ قلت : بقوله : { إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ } ، كأنه قال : إن الله تعالى لا يريد من الإنسان إلا الطاعة والسعي للعاقبة ، وهو مرصد للعاصي ؛ فأما الإنسان فلا يريد ذلك ولا يهمه إلا العاجلة وما يلذه وينعمه فيها ، انتهى . وفيه التصريح بمذهب الاعتزال في قوله : لا يريد من الإنسان إلا الطاعة . وإذا العامل فيه فيقول : والنية فيه التأخير ، أي فيقول كذا وقت الابتداء ، وهذه الفاء لا تمنع أن يعمل ما بعدها فيما قبلها ، وإن كانت فاء دخلت في خبر المبتدأ لأجل أما التي فيها معنى الشرط ، وبعد أما الثانية مضمر به وقع التوازن بين الجملتين تقديره : فأما إذا هو ما ابتلاه ، وفيقول خبر عن ذلك المبتدأ المضمر ، وابتلاه معناه : اختبره ، أيشكر أم يكفر إذا بسط له ؟ وأيصبر أم بجزع إذا ضيق عليه ؟ لقوله تعالى : { وَنَبْلُوكُم بِالشَّرّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً } . وقابل ونعمه بقوله : { فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ } ، ولم يقابل { فَأَكْرَمَهُ } بلفظ فأهانه ، لأنه ليس من يضيق عليه الرزق ، كان ذلك إهانة له . ألا ترى إلى ناس كثير من أهل الصلاح مضيقاً عليهم الرزق كحال الإمام أبي سليمان داود بن علي الأصبهاني رضي الله تعالى عنه وغيره ، وذم الله تعالى العبد في حالتيه هاتين . .
أما في قوله : { فَيَقُولُ رَبّى أَكْرَمَنِ } ، فلأنه إخبار منه على أنه يستحق الكرامة ويستوجبها . وأما قوله : { أَهَانَنِ } ، فلأنه سمى ترك التفضيل من الله تعالى إهانة وليس بإهانة ، أو يكون إذا تفضل عليه أقر بإحسان الله إليه ، وإذا لم يتفضل عليه سمى ترك تفضل الله إهانة ، لا إلى الاعتراف بقوله : { أَكْرَمَنِ } . وقرأ ابن كثير : أكرمني وأهانني بالياء فيهما ؛ ونافع : بالياء وصلاً وحذفها وقفاً ، وخير في الوجهين أبو عمرو ، وحذفها باقي السبعة فيهما وصلاً ووقفاً ، ومن حذفها وقفاً سكن النون فيه . وقرأ الجمهور : { فَقَدَرَ } بخف الدال ؛ وأبو جعفر وعيسى وخالد والحسن بخلاف عنه ؛ وابن عامر : بشدها . قال الجمهور : هما بمعنى واحد بمعنى ضيق ، والتضعيف