@ 449 @ لما مشددة وهي بمعنى إلا ، لغة مشهورة في هذيل وغيرهم . تقول العرب : أقسمت عليك لما فعلت كذا : أي إلا فعلت ، قاله الأخفش . فعلى هذه القراءة يتعين أن تكون نافية ، أي ما كل نفس إلا عليها حافظ . وحكى هرون أنه قرىء : إن بالتشديد ، كل بالنصب ، فاللام هي الداخلة في خبر إن ، وما زائدة ، وحافظ خبر إن ، وجواب القسم هو ما دخلت عليه إن ، سواء كانت المخففة أو المشددة أو النافية ، لأن كلاًّ منها يتلقى به القسم ؛ فتلقيه بالمشددة مشهور ، وبالمخففة { تَاللَّهِ إِن كِدتَّ لَتُرْدِينِ } ، وبالنافية { وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا } . وقيل : جواب القسم { إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ } ، وما بينهما اعتراض ، والظاهر عموم كل نفس . وقال ابن سيرين وقتادة وغيرهما : { إِن كُلُّ نَفْسٍ } مكلفة ، { عَلَيْهَا حَافِظٌ } : يحصي أعمالها ويعدها للجزاء عليها ، فيكون في الآية وعيد وزاجر وما بعد ذلك يدل عليه . وقيل : حفظة من الله يذبون عنها ، ولو وكل المرء إلى نفسه لاختطفته الغير والشياطين . وقال الكلبي والفراء : حافظ من الله يحفظها حتى يسلمها إلى المقادير . وقيل : الحافظ : العقل يرشده إلى مصالحه ويكفه عن مضاره . وقيل : حافظ مهيمن ورقيب عليه ، وهو الله تعالى . .
ولما ذكر أن كل نفس عليها حافظ ، أتبع ذلك بوصية الإنسان بالنظر في أول نشأته الأولى حتى يعلم أن من أنشأه قادر على إعادته وجزائه ، فيعمل لذلك ولا يملي على حافظه إلا ما يسره في عاقبته . و { مِمَّ خُلِقَ } : استفهام ، ومن متعلقة بخلق ، والجملة في موضع نصب ب : فلينظر ، وهي معلقة . وجواب الاستفهام ما بعده وهو : { خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ } ، وهو مني الرجل والمرأة لما امتزجا في الرحم واتحدا عبر عنهما بماء ، وهو مفرد ، ودافق قيل : هو بمعنى مدفوق ، وهي قراءة زيد بن عليّ . وعند الخليل وسيبويه : هو على النسب ، كلابن وتامر ، أي ذي دفق . وعن ابن عباس : بمعنى دافق لزج ، وكأنه أطلق عليه وصفه لا أنه موضوع في اللغة لذلك ، والدفق : الصب ، فعله متعد . وقال ابن عطية : والدفق : دفع الماء بعضه ببعض ، تدفق الوادي والسيل إذا جاء يركب بعضه بعضاً . ويصح أن يكون الماء دافقاً ، لأن بعضه يدفع بعضاً ، فمنه دافق ومنه مدفوق ، انتهى . وركب قوله هذا على تدفق ، وتدفق لازم دفقته فتدفق ، نحو : كسرته فتكسر ، ودفق ليس في اللغة معناه ما فسر من قوله : والدفق دفع الماء بعضه ببعض ، بل المحفوظ أنه الصب . وقرأ الجمهور : { يَخْرُجُ } مبنياً للفاعل ، { مِن بَيْنِ الصُّلْبِ } : بضم الصاد وسكون اللام ؛ وابن أبي عبلة وابن مقسم : مبنياً للمفعول ، وهما وأهل مكة وعيسى : بضم الصاد واللام ؛ واليماني : بفتحهما . قال العجاج : .
في صلب مثل العنان المؤدم .
وتقدمت اللغات في الصلب في سورة النساء ، وإعرابها صالب كما قال العباس : .
تنقل من صالب إلى رحم .
قال قتادة والحسن : معناه من بين صلب كل واحد من الرجل والمرأة وترائبه . وقال سفيان وقتادة أيضاً : من بين صلب الرجل وترائب المرأة ، وتقدم شرح الترائب في المفردات . وقال ابن عباس : موضع القلادة ؛ وعن ابن جبير : هي أضلاع الرجل التي أسفل الصلب . وقيل : ما بين المنكبين والصدر . وقيل : هي التراقي ؛ وعن معمر : هي عصارة القلب ومنه يكون الولد . ونقل مكي عن ابن عباس أن الترائب أطراف المرء ، رجلاه ويداه وعيناه . قال ابن عطية :