@ 448 @ .
الهزل : ضدّ الجد ، وقال الكميت : .
تجدّ بنا في كل يوم وتهزل .
أمهلت الرجل : انتظرته ، والمهل والمهلة : السكينة ، ومهلته أيضاً تمهيلاً وتمهل في أمره : اتأد ، واستمهلت : انتظرته ، ويقال مهلاً : أي رفقاً وسكوناً . رويداً : مصدر أرود يرود ، مصغر تصغير الترخيم ، وأصله إرواداً . وقيل : هو تصغير رود ، من قوله : يمشي على رود : أي مهل ، ويستعمل مصدراً نحو : رويد عمرو بالإضافة : أي إمهال عمرو ، كقوله : { فَضَرْبَ الرّقَابِ } ، ونعتاً لمصدر نحو : ساروا سيراً رويداً ؛ وحالاً نحو : سار القوم رويداً ، ويكون اسم فعل ، وهذا كله موضح في علم النحو ، والله تعالى أعلم . .
{ وَالسَّمَاء وَالطَّارِقِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ * النَّجْمُ الثَّاقِبُ * إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ * فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ * خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ * يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ * إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ * يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ * فَمَا لَهُ مِن قُوَّةٍ وَلاَ نَاصِرٍ * وَالسَّمَاء ذَاتِ الرَّجْعِ * وَالاَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ * إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ * وَمَا هوَ بِالْهَزْلِ * إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً * وَأَكِيدُ كَيْداً * فَمَهّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً } . .
هذه السورة مكية ، ولما ذكر فيما قبلها تكذيب الكفار للقرآن ، نبه هنا على حقارة الإنسان ، ثم استطرد منه إلى أن هذا القرآن قول فصل جد ، لا هزل فيه ولا باطل يأتيه . ثم أمر نبيه بإمهال هؤلاء الكفرة المكذبين ، وهي آية موادعة منسوخة بآية السيف . { وَالسَّمَاء } : هي المعروفة ، قاله الجمهور . وقيل : السماء هنا المطر ، { وَالطَّارِقِ } : هو الآتي ليلاً ، أي يظهر بالليل . وقيل : لأنه يطرق الجني ، أي يصكه ، من طرقت الباب إذا ضربته ليفتح لك . أتى بالطارق مقسماً به ، وهي صفة مشتركة بين النجم الثاقب وغيره . ثم فسره بقوله : { النَّجْمُ الثَّاقِبُ } ، إظهاراً لفخامة ما أقسم به لما علم فيه من عجيب القدرة ولطيف الحكمة ، وتنبيهاً على ذلك . كما قال تعالى : { فَلاَ أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ } . .
وقال ابن عطية : معنى الآية : والسماء وجميع ما يطرق فيه من الأمور والمخلوقات . ثم ذكر بعد ذلك ، على جهة التنبيه ، أجل الطارقات قدراً وهو النجم الثاقب ، وكأنه قال : وما أدراك ما الطارق حتى الطارق ، انتهى . فعلى هذا يكون { النَّجْمُ الثَّاقِبُ } بعضاً مما دل عليه { وَالطَّارِقِ } ، إذ هو اسم جنس يراد به جميع الطوارق . وعلى قول غيره : يراد به واحد مفسر بالنجم الثاقب . والنجم الثاقب عند ابن عباس : الجدي ، وعند ابن زيد : زحل . وقال هو أيضاً وغيره : الثريا ، وهو الذي تطلق عليه العرب اسم النجم . وقال علي : نجم في السماء السابعة لا يسكنها غيره من النجوم ، فإذا أخذت النجوم أمكنتها من السماء هبط فكان معها ، ثم رجع إلى مكانه من السماء السابعة ، فهو طارق حين ينزل ، وطارق حين يصعد . وقال الحسن : هو اسم جنس لأنها كلها ثواقب ، أي ظاهرة الضوء . وقيل : المراد جنس النجوم التي يرمى بها ويرجم . والثاقب ، قيل : المضيء ؛ يقال : ثقب يثقب ثقوباً وثقابة : أضاء ، أي يثقب الظلام بضوئه . وقيل : المرتفع العالي ، ولذلك قيل هو زحل لأنه أرقها مكاناً . وقال الفراء : ثقب الطائر ارتفع وعلا . .
وقرأ الجمهور : إن خفيفة ، كل رفعاً لما خفيفة ، فهي عند البصريين مخففة من الثقيلة ، كل مبتدأ واللام هي الداخلة للفرق بين إن النافية وإن المخففة ، وما زائدة ، وحافظ خبر المبتدأ ، وعليها متعلق به . وعند الكوفيين : إن نافية ، واللام بمعنى إلا ، وما زائدة ، وكل حافظ مبتدأ وخبر ؛ والترجيح بين المذهبين مذكور في علم النحو . وقرأ الحسن والأعرج وقتادة وعاصم وابن عامر وحمزة وأبو عمرو ونافع بخلاف عنهما :