@ 381 @ حقيقة . وقيل : هو استفهام إبعاد وإنكار ، أي قد بلغ مبلغاً لا أحد يرقيه ، كما عند الناس : من ذا الذي يقدر أن يرقي هذا المشرف على الموت قاله عكرمة وابن زيد . واحتمل أن يكون القائل الملائكة ، أي من يرقي بروحه إلى السماء ؟ أملائكة الرحمة أم ملائكة العذاب ؟ قاله ابن عباس أيضاً وسليمان التيمي . وقيل : إنما يقولون ذلك لكراهتهم الصعود بروح الكافر لخبثها ونتنها ، ويدل عليه قوله بعد : { فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صَلَّى } الآية . ووقف حفص على { مِنْ } ، وابتدأ { رَاقٍ } ، وأدغم الجمهور . قال أبو علي : لا أدري ما وجه قراءته . وكذلك قرأ : { بَلْ رَانَ } . انتهى . وكان حفصاً قصد أن لا يتوهم أنها كلمة واحدة ، فسكت سكت لطيفاً ليشعر أنهما كلمتان . وقال سيبويه : إن النون تدغم في الراء ، وذلك نحو من راشد ؛ والإدغام بغنة وبغير غنة ، ولم يذكر البيان . ولعل ذلك من نقل غيره من الكوفيين ، وعاصم شيخ حفص يذكر أنه كان عالماً بالنحو . وأمّا { بَلْ رَانَ } فقد ذكر سيبويه أن اللام البيان فيها ، والإدغام مع الراء حسنان ، فلما أفرط في شأن البيان في { بَلْ رَانَ } ، صار كالوقف القليل . { وَظَنَّ } ، أي المريض ، { أَنَّهُ } : أي ما نزل به ، { الْفِرَاقُ } : فراق الدنيا التي هي محبوبته ، والظن هنا على بابه . وقيل : فراق الروح الجسد . .
{ وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ } ، قال ابن عباس والربيع بن أنس وإسماعيل بن أبي خالد : استعارة لشدّة كرب الدنيا في آخر يوم منها ، وشدة كرب الآخرة في أول يوم منها ، لأنه بين الحالين قد اختلطا به ، كما يقول : شمرت الحرب عن ساق ، استعارة لشدتها . وقال ابن المسيب والحسن : هي حقيقة ، والمراد ساقا الميت عندما لفا في الكفن . وقال الشعبي وقتادة وأبو مالك : التفافهما لشدّة المرض ، لأنه يقبض ويبسط ويركب هذه على هذه . وقال الضحاك : أسوق حاضريه من الإنس والملائكة ؛ هؤلاء يجهزونه إلى القبر ، وهؤلاء يجهزون روحه إلى السماء . وقيل : التفافهما : موتهما أولاً ، إذ هما أول ما تخرج الروح منهما فتبردان قبل سائر الأعضاء . وجواب إذا محذوف تقديره وجد ما عمله في الدنيا من خير وشر . .
{ إِلَى رَبّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ } : المرجع والمصير ، والمساق مفعل من السوق ، فهو اسم مصدر ، إمّا إلى جنة ، وإمّا إلى نار . { فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صَلَّى } ، الجمهور : إنها نزلت في أبي جهل وكادت أن تصرح به في قوله : { يَتَمَطَّى } . فإنها كانت مشيته ومشية قومه بني مخزوم ، وكان يكثر منها . وتقدم أيضاً أنه قيل في قوله : { أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَن * لَنْ * نَّجْمَعَ عِظَامَهُ } أنها نزلت في أبي جهل . وقال الزمخشري : يعني الإنسان في قوله : { أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَن * لَنْ * نَّجْمَعَ عِظَامَهُ } . ألا ترى إلى قوله : { أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى } ، وهو معطوف على قوله : { يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ } : أي لا يؤمن بالبعث ؟ { فَلاَ صَدَّقَ } بالرسول والقرآن ، { وَلاَ صَلَّى } . ويجوز أن يراد : فلا صدق ماله ، يعني فلا زكاة . انتهى . وكون { فَلاَ صَدَّقَ } معطوفاً على قوله : { يَسْئَلُ } فيه بعد ، ولا هنا نفت الماضي ، أي لم يصدق ولم يصل ؛ وفي هذا دليل على أن لا تدخل على الماضي فتنصبه ، ومثله قوله : % ( وأي خميس لا أتانا نهابه % .
وأسيافنا يقطرن من كبشه دما .
) % .
.
وقال الراجز : % ( إن تغفر اللهم تغفر جما % .
وأيّ عبد لك لا ألما .
) % .