@ 249 @ لرقة القلوب والحذر مما يوجب العذاب ، وكرر الأمر بالتقوى على سبيل التوكيد ، أو لإختلاف متعلق بالتقوى . فالأولى في أداء الفرائض ، لأنه مقترن بالعمل ؛ والثانية في ترك المعاصي ، لأنه مقترن بالتهديد والوعيد . وقرأ الجمهور : { وَلْتَنظُرْ } : أمراً ، واللام ساكنة ؛ وأبو حيوة ويحيى بن الحارث : بكسرها . وروي ذلك عن حفص ، عن عاصم والحسن : بكسرها وفتح الراء ، جعلها لام كي . ولما كان أمر القى امة كائناً لا محالة ، عبر عنه بالغد ، وهو اليوم الذي يلي يومك على سبيل التقريب . وقال الحسن وقتادة : لم يزل يقر به حتى جعله كالغد ، ونحوه : كأن لم تغن بالأمس ، يريد تقريب الزمان الماضي . وقيل : عبر عن الآخرة بالغد ، كأن الدنيا والآخرة نهاران ، يوم وغد . قال ابن عطية : ويحتمل أن يريد بقوله : { لِغَدٍ } : ليوم الموت ، لأنه لكل إنسان كغده . وقال مجاهد وابن زيد : بالأمس الدنيا وغد الآخرة . وقال الزمخشري : أما تنكير النفس فاستقلال للأنفس النواظر فيما قدمن للآخرة ، كأنه : قيل لغد لا يعرف كنهه لعظمه . انتهى . وقرأ الجمهور : { لاَ تَكُونُواْ } بتاء الخطاب ؛ وأبو حيوة : بياء الغيبة ، على سبيل الالتفات . وقال ابن عطية : كناية عن نفس التي هي اسم الجنس ؛ { كَالَّذِينَ نَسُواْ } : هم الكفار ، وتركوا عبادة الله وامتثال ما أمر واجتناب ما نهى ، وهذا تنبيه على فرط غفلتهم واتباع شهواتهم ؛ { فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ } ، حيث لم يسعوا إليها في الخلاص من العذاب ، وهذا من المجازاة على الذنب بالذنب . عوقبوا على نسيان جهة الله تعالى بأن أنساهم أنفسهم . قال سفيان : المعنى حظ أنفسهم ، ثم ذكر مباينة الفريقين : أصحاب النار في الجحيم ، وأصحاب الجنة في النعيم ، كما قال : { أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لاَّ يَسْتَوُونَ } ، وقال تعالى : { أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ } . .
{ لَوْ أَنزَلْنَا هَاذَا الْقُرْءانَ عَلَى جَبَلٍ } : هذا من باب التخييل والتمثيل ، كما مر في قوله تعالى : { إِنَّا عَرَضْنَا الاْمَانَةَ عَلَى * السَّمَاوَاتِ } ، ودل على ذلك : { وَتِلْكَ الاْمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ } ، والغرض توبيخ الإنسان على قسوة قلبه ، وعدم تأثره لهذا الذي لو أنزل على الجبل لتخشع وتصدع . وإذا كان الجبل على عظمه وتصلبه يعرض له الخشوع والتصدع ، فابن آدم كان أولى بذلك ، لكنه على حقارته وضعفه لا يتأثر . وقرأ طلحة : مصدعاً ، بإدغام التاء في الصاد ؛ وأبو السمال وأبو دينار الأعرابي : القدوس بفتح القاف ؛ والجمهور : بالفك والضم . وقرأ الجمهور : المؤمن بكسر الميم ، اسم فاعل من آمن بمعنى أمن . وقال ثعلب : المصدق المؤمنين في أنهم آمنوا . وقال النحاس : أو في شهادتهم على الناس يوم القيامة . وقيل : المصدق نفسه في أقواله الأزلية . وقرأ أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين ، وقيل ، أبو جعفر المدني : المؤمن بفتح الميم . قال أبو حاتم : لا يجوز ذلك ، لأنه لو كان كذلك لكان المؤمن به وكان جائزاً ، لكن المؤمن المطلق بلا حرف جر يكون من كان خائفاً فأومن . وقال الزمخشري : يعني المؤمن به على حذف حرف الجر ، كما تقول في قوم موسى من قوله : { وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ } : المختارون . { الْمُهَيْمِنُ } : تقدم شرحه . { الْجَبَّارُ } : القهار الذي جبر خلقه على ما أراد . وقيل : الجبار : الذي لا يدانيه شيء ولا يلحق ، ومنه نخلة جبارة إذا لم تلحق ، وقال امرؤ القيس : % ( سوابق جبار أتيت فروعه % .
وعالين قنواناً من البسر أحمرا .
) % .
.
وقال ابن عباس : هو العظيم ، وجبروته : عظمته . وقيل : هو من الجبر ، وهو الإصلاح . جبرت العظم : أصلحته بعد الكسر . وقال الفراء : من أجبره على الأمر : قهره ، قال : ولم أسمع فعالاً من أفعل إلا في جبار ودراك . انتهى ، وسمع أسار فهو أسار . { الْمُتَكَبّرُ } : المبالغ في الكبرياء والعظمة . وقيل : المتكبر عن ظلم عباده ، { الْخَالِقُ } : المقدر لما يوجده . { الْبَارِىء } : المميز بعضه من بعض بالأشكال المختلفة ، { الْمُصَوّرُ } : الممثل . وقرأ عليّ وحاطب بن أبي بلتعة والحسن وابن السميفع : المصور بفتح الواو والراء ، وانتصب مفعولاً بالباري ، وأراد به جنس المصور . وعن علي ؛ فتح الواو وكسر الراء على إضافة اسم الفاعل إلى المفعول ، نحو : الضارب الغلام . .