@ 248 @ مع بعض . كان بأسهم شديداً ؛ أما إذا قاتلوكم ، فلا يبقى لهم بأس ، لأن من حارب أولياء الله خذل . { تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً } : أي مجتمعين ، ذوي ألفة واتحاد . { وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى } : أي وأهواؤهم متفرقة ، وكذا حال المخذولين ، لا تستقر أهواؤهم على شيء واحد ، وموجب ذلك الشتات هو انتفاء عقولهم ، فهم كالبهائم لا تتفق على حالة . وقرأ الجمهور : { شَتَّى } بألف التأنيث ؛ ومبشر بن عبيد : منوناً ، جعلها ألف الإلحاق ؛ وعبد الله : وقلوبهم أشت : أي أشد تفرقاً ، ومن كلام العرب : شتى تؤوب الحلبة . قال الشاعر : % ( إلى الله أشكوا فتية شقت العصا % .
هي اليوم شتى وهي أمس جميع .
.
) % .
قوله عز وجل : { كَمَثَلِ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ قَرِيباً ذَاقُواْ وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنّى بَرِىء مّنكَ إِنّى أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ * فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِى النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ * الظَّالِمِينَ * ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ نَسُواْ اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * لاَ يَسْتَوِى أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ * لَوْ أَنزَلْنَا هَاذَا الْقُرْءانَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدّعاً مّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الاْمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ * هُوَ } . .
{ كَمَثَلِ } : خبر مبتدأ محذوف ، أي مثلهم ، أي بني النضير { كَمَثَلِ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ قَرِيباً } : وهم بنو قينقاع ، أجلاهم الرسول صلى الله عليه وسلم ) من المدينة قبل بني النضير فكانوا مثلاً لهم ، قاله ابن عباس ؛ أو أهل بدر الكفار ، فإنه عليه الصلاة والسلام قتلهم ، فهم مثلهم في أن غلبوا وقهروا . وقيل : الضمير في { مِن قَبْلِهِمُ } للمنافقين ، و { الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } : منافقو الأمم الماضية ، غلبوا ودلوا على وجه الدهر ، فهؤلاء مثلهم . ويبعد هذا التأويل لفظة { قَرِيبًا } أن جعلته متعلقاً بما قبله ، وقريباً ظرف زمان وإن جعلته معمولاً لذاقوا ، أي ذاقوا وبال أمرهم قريباً من عصيانهم ، أي لم تتأخر عقوبتهم في الدنيا ، كما لم تتأخر عقوبة هؤلاء . { وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } في الآخرة . .
{ كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ } : لما مثلهم بمن قبلهم ، ذكر مثلهم مع المنافقين ، فالمنافقون كالشيطان ، وبنو النضير كالإنسان ، والجمهور : على أن الشيطان والإنسان اسما جنس يورطه في المعصية ثم يفر منه . كذلك أغوى المنافقون بني النضير ، وحرضوهم على الثبات ، ووعدوهم النصر . فلما نشب بنو النضير ، خذلهم المنافقون وتركوهم في أسوأ حال . وقيل : المراد استغواء الشيطان قريشاً يوم بدر . وقوله لهم : { لاَ غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنّي جَارٌ لَّكُمْ } إلى قوله : { إِنّي بَرِىء مّنْكُمْ } . وقيل : التمثيل بشيطان مخصوص مع عابد مخصوص استودع امرأة ، فوقع عليها فحملت ، فخشي الفضيحة ، فقتلها ودفنها . سول له الشيطان ذلك ، ثم شهره ، فاستخرجت فوجدت مقتولة ؛ وكان قال إنها ماتت ودفنتها ، فعلموا بذلك ، فتعرض له الشيطان وقال : اكفر واسجد لي وأنا أنجيك ، ففعل وتركه عند ذلك وقال : أنا بريء منك . وقول الشيطان : { إِنّى أَخَافُ اللَّهَ } رياء ، ولا يمنعه الخوف عن سوء يوقع ابن آدم فيه . وقرأ الجمهور : { عَاقِبَتَهُمَا } بنصب التاء ؛ والحسن وعمرو بن عبيد وسليم بن أرقم : برفعهما . والجمهور : { خَالِدِينَ } بالياء حالاً ، و { فِى النَّارِ } خبر أن ؛ وعبد الله وزيد بن علي والأعمش وابن عبلة : بالألف ، فجاز أن يكون خبر أن ، والظرف ملغى وإن كان قد أكد بقوله : { فِيهَا } ، وذلك جائز على مذهب سيبويه ، ومنع ذلك أهل الكوفة ، لأنه إذا أكد عندهم لا يلغى . ويجوز أن يكون في النار خبراً ، لأن { خَالِدِينَ } خبر ثان ، فلا يكون فيه حجة على مذهب سيبويه . .
ولما انقضى في هذه السورة ، وصف المنافقون واليهود . وعظ المؤمنين ، لأن الموعظة بعد ذكر المصيبة لها موقع في النفس