@ 237 @ وتقدمت هذه المادة في قوله تعالى : { أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ } في النساء ، وأنها من حاذ الحمار العانة إذا ساقها ، وجمعها غالباً لها ، ومنه كان أحوذياً نسيج وحده . وقرأ عمر : استحاذ ، أخرجه على الأصل والقياس ، واستحوذ شاذ في القياس فصيح في الاستعمال . { فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ } : فهم لا يذكرونه ، لا بقلوبهم ولا بألسنتهم ؛ و { حِزْبُ الشَّيْطَانِ } : جنده ، قاله أبو عبيدة . { أُوْلَئِكَ فِى الاْذَلّينَ } : هي أفعل التفضيل ، أي في جملة من هو أذل خلق الله تعالى ، لا ترى أحداً أذل منهم . .
وعن مقاتل : لما فتح الله مكة للمؤمنين ، والطائف وخيبر وما حولهم ، قالوا : نرجو أن يظهرنا الله على فارس والروم ، فقال عبد الله بن أبي : أتظنون الروم وفارس كبعض القرى التي غلبتم عليها ؟ والله إنهم لأكثر عدداً وأشد بطشاً من أن تظنوا فيهم ذلك ، فنزلت : { كَتَبَ اللَّهُ لاَغْلِبَنَّ أَنَاْ وَرُسُلِى } : { كِتَابَ } : أي في اللوح المحفوظ ، أو قضى . وقال قتادة : بمعنى قال ، { وَرُسُلِى } : أي من بعثت منهم بالحرب ومن بعثت منهم بالحجة . { إِنَّ اللَّهَ قَوِىٌّ } : ينصر حزبه ، { عَزِيزٌ } : يمنعه من أن يذل . .
{ لاَّ تَجِدُ قَوْماً } ، قال الزمخشري ، من باب التخييل : خيل أن من الممتنع المحال أن تجد قوماً مؤمنين يوادون المشركين ، والغرض منه أنه لا ينبغي أن يكون ذلك ، وحقه أن يمتنع ، ولا يوجد بحال مبالغة في النهي عنه والزجر عن ملابسته والتصلب في مجانبة أعداء الله . وزاد ذلك تأكيداً بقوله : { وَلَوْ كَانُواْ ءابَاءهُمْ } . انتهى . وبدأ بالآباء لأنهم الواجب على الأولاد طاعتهم ، فنهاهم عن موادتهم . وقال تعالى : { وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِى مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِى الدُّنْيَا مَعْرُوفاً } ، ثم ثنى بالأبناء لأنهم أعلق بالقلوب ، ثم أتى ثالثاً بالإخوان لأنهم بهم التعاضد ، كما قيل : % ( أخاك أخاك إن من لا أخاً له % .
كساع إلى الهيجاء بغير سلاح .
.
) % .
ثم رابعاً بالعشيرة ، لأن بها التناصر ، وبهم المقاتلة والتغلب والتسرع إلى ما دعوا إليه ، كما قال : % ( لا يسألون أخاهم حين يندبهم % .
في النائبات على ما قال برهاناً .
.
) % .
وقرأ الجمهور : { كِتَابَ } مبنياً للفاعل ، { فِى قُلُوبِهِمُ الإيمَانَ } نصباً ، أي كتب الله . وأبو حيوة والمفضل عن عاصم : كتب مبنياً للمفعول ، والإيمان رفع . والجمهور : { أَوْ عَشِيرَتَهُمْ } على الإفراد ؛ وأبو رجاء : على الجمع ، والمعنى : أثبت الإيمان في قلوبهم وأيدهم بروح منه تعالى ، وهو الهدى والنور واللطف . وقيل : الروح : القرآن . وقيل : جبريل يوم بدر . وقيل : الضمير في منه عائد على الإيمان ، والإنسان في نفسه روح يحيا به المؤمن ، والإشارة بأولئك كتب إلى الذين لا يوادّون من حادّ الله ورسوله . قيل : والآية نزلت في أبي حاطب بن أبي بلتعة . وقيل : الظاهر أنها متصلة بالآي التي في المنافقين الموالين لليهود . وقيل : نزلت في ابن أبيّ وأبي بكر الصديق ، رضى الله تعالى عنه ، كان منه سب للرسول صلى الله عليه وسلم ) ، فصكه أبو بكر صكة سقط منها ، فقال له الرسول عليه الصلاة والسلام : ( أوفعلته ) ؟ قال : نعم ، قال : ( لا تعد ) ، قال : والله لو كان السيف قريباً مني لقتلته . وقيل : في أبي عبيدة بن الجراح ، قتل أباه عبد الله بن الجراح يوم أُحد ، وفي