@ 236 @ عن أبي عمر وخبير : بما يعملون بالياء من تحت ، والجمهور بالتاء . .
قوله عز وجل { خَبِيرٌ يأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدّمُواْ بَيْنَ يَدَىْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِن لَّمْ تَجِدُواْ فَإِنَّ اللَّهَ ( سقط : إلى آخر الآية ) } . .
{ الَّذِينَ تَوَلَّوْاْ } : هم المنافقون ، والمغضوب عليهم : هم اليهود ، عن السدي ومقاتل ، أنه صلى الله عليه وسلم ) قال لأصحابه : ( يدخل عليكم رجل قلبه قلب جبار وينظر بعيني شيطان ) ، فدخل عبد الله بن أبي بن سلول ، وكان أزرق أسمر قصيراً ، خفيف اللحية ، فقال عليه الصلاة والسلام : ( علام تشتمني أنت وأصحابك ) ؟ فحلف بالله ما فعل ، فقال عليه الصلاة والسلام له : ( فعلت ) ، فجاء بأصحابه فحلفوا بالله ما سبوه ، فنزلت . والضمير في { مَّا هُم } عائد على { الَّذِينَ تَوَلَّوْاْ } ، وهم المنافقون : أي ليسوا منكم أيها المؤمنون ، { وَلاَ مِنْهُمْ } : أي ليسوا من الذين تولوهم ، وهم اليهود . وما هم استئناف إخبار بأنهم مذبذبون ، لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ، كما قال عليه الصلاة والسلام : ( مثل المنافق مثل الشاة العائرة بين الغنمين لأنه مع المؤمنين بقوله ومع الكفار بقلبه ) . وقال ابن عطية : يحتمل تأويلاً آخر ، وهو أن يكون قوله : { مَّا هُم } يريد به اليهود ، وقوله : { وَلاَ مِنْهُمْ } يريد به المنافقين ، فيجيء فعل المنافقين على هذا التأويل أحسن ، لأنهم تولوا مغضوباً عليهم ، ليسوا من أنفسهم فيلزمهم ذمامهم ، ولا من القوم المحقين فتكون الموالاة صواباً . انتهى . والظاهر التأويل الأول ، لأن الذين تولوا هم المحدث عنهم . والضمير في { وَيَحْلِفُونَ } عائد عليهم ، فتتناسق الضمائر لهم ولا تختلف . وعلى هذا التأويل يكون { مَّا هُم } استئنافاً ، وجاز أن يكون حالاً من ضمير { تَوَلَّوْاْ } . وعلى احتمال ابن عطية ، يكون { مَّا هُم } صفة لقوم . { وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ } ، إما أنهم ما سبوا ، كما روي في سبب النزول ، أو على أنهم مسلمون . والكذب هو ما ادعوه من الإسلام . { وَهُمْ يَعْلَمُونَ } : جملة حالية يقبح عليهم ، إذ حلفوا على خلاف ما أبطنوا ، فالمعنى : وهم عالمون متعمدون له . والعذاب الشديد : المعد لهم في الآخرة . وقرأ الجمهور : { أَيْمَانِهِمْ } جمع يمين ؛ والحسن : إيمانهم ، بكسر الهمزة : أي ما يظهرون من الإيمان ، { جَنَّةُ } : أي ما يتسترون به ويتقون المحدود ، وهو الترس ، { فَصَدُّواْ } : أي أعرضوا ، أو صدوا الناس عن الإسلام ، إذ كانوا يثبطون من لقوا عن الإسلام ويضعفون أمر الإيمان وأهله ، أو صدوا المسلمين عن قتلهم بإظهار الإيمان ، وقتلهم هو سبيل الله فيهم ، لكن ما أظهروه من الإسلام صدوا به المسلمين عن قتلهم . .
{ لَن تُغْنِىَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلاَ أَوْلادُهُم مّنَ اللَّهِ شَيْئًا } : تقدم الكلام على هذه الجملة في أوائل آل عمران . { فَيَحْلِفُونَ لَهُ } : أي لله تعالى . ألا ترى إلى قولهم : { وَاللَّهِ رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } ؟ { كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ } أنهم مؤمنون ، وليسوا بمؤمنين . والعجب منهم ، كيف يعتقدون أن كفرهم يخفى على عالم الغيب والشهادة ، ويجرونه مجرى المؤمنين في عدم اطلاعهم على كفرهم ونفاقهم ؟ والمقصود أنهم مقيمون على الكذب ، قد تعودوه حتى كان على ألسنتهم في الآخرة كما كان في الدنيا ، { وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَىْء } : أي شيء نافع لهم . .
{ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ } : أي أحاط بهم من كل جهة ، وغلب على نفوسهم واستولى عليها