@ 139 @ بجعل أعالي القرية أسافل وإمطار الحجارة . والظاهر أن قوله : { وَفِى مُوسَى } معطوف على { وَتَرَكْنَا فِيهَا } : أي في قصة موسى . وقال الزمخشري وابن عطية : { وَفِى مُوسَى } يكون عطفاً على { وَفِى الاْرْضِ ءايَاتٌ لّلْمُوقِنِينَ } . { وَفِى مُوسَى } ، وهذا بعيد جدًّا ، ينزه القرآن عن مثله . وقال الزمخشري أيضاً : أو على قوله ، { وَتَرَكْنَا فِيهَا ءايَةً } ، على معنى : وجعلنا في موسى آية ، كقوله : % ( علفتها تبناً وماء بارداً انتهى ، ولا حاجة إلى إضمار { وَتَرَكْنَا } ، لأنه قد أمكن أن يكون العامل في المجرور { وَتَرَكْنَا } . % .
{ فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ } : أي ازور وأعرض ، كما قال : { وَنَأَى بِجَانِبِهِ } . وقيل : بقوته وسلطانه . وقال ابن زيد : بركنه : بمجموعه . وقال قتادة : بقومه . { وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ } : ظن أحدهما ، أو تعمد الكذب ، وقد علم أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ) حقاً . وقال أبو عبيدة : أو بمعنى الواو ، ويدل على ذلك أنه قد قالهما ، قال : { إِنَّ هَاذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ } ، و { قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ } ، واستشهد أبو عبيدة بقول جرير : % ( أثعلبة الفوارس أو رباحا % .
عدلت بهم طهية والحشايا .
) % .
.
ولا ضرورة تدعو إلى جعل أو بمعنى الواو ، إذ يكون قالهما ، وأبهم على السامع ، فأو للإبهام . { هُوَ * مُلِيمٌ } : أي أتى من المعاصي ما يلام عليه . { الْعَقِيمَ } التي لا خير فيها ، من الشتاء مطر ، أو لقاح شجر . وفي الصحيح : نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور . فقول من ذهب إلى أنها الصبا ، أو الجنوب ، أو النكباء ، وهي ريح بين ريحين ، نكبت عن سمت القبلة ، فسميت نكباء ، ليس بصحيح ، لمعارضته للنص الثابت عن الرسول صلى الله عليه وسلم ) أنها الدبور . .
{ مَا تَذَرُ مِن شَىْء أَتَتْ عَلَيْهِ } : وهو عام مخصوص ، كقوله : { تُدَمّرُ كُلَّ شَىْء بِأَمْرِ رَبّهَا } : أي مما أراد الله تدميره وإهلاكه من ناس أو ديار أو شجر أو نبات ، لأنها لم يرد الله بها إهلاك الجبال والآكام والصخور ، ولا العالم الذي لم يكن من قوم عاد . { إِلاَّ جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ } : جملة حالية ، والرميم تقدّم تفسيره في يس ، وهنا قال السدّي : التراب ، وقتادة : الهشيم ، ومجاهد : البالي ، وقطرب : الرماد ، وابن عيسى : المنسحق الذي لا يرم ، جعل الهمزة في أرم للسلب . روي أن الريح كانت تمر بالناس ، فيهم الرجل من قوم عاد ، فتنزعه من بينهم وتهلكه . { تَمَتَّعُواْ حَتَّى حِينٍ } ، قال الحسن : هذا كان حين بعث إليهم صالح ، أمروا بالإيمان بما جاء به ، والتمتع إلى أن تأتي آجالهم ، ثم إنهم عتوا بعد ذلك ، ولذلك جاء العطف بالفاء المقتضية تأخر العتو عن ما أمروا به ، فهو مطابق لفظاً ووجود . وقال الفراء : هذا الأمر بالتمتع كان بعد عقر الناقة ، والحين ثلاثة أيام التي أوعدوا في تمامها بالعذاب . فالعتو كان قد تقدم قبل أن يقال لهم تمتعوا ، ولا ضرورة تدعو إلى قول الفراء ، إذ هو غير مرتب في الوجود . وقرأ الجمهور : الصاعقة ؛ وعمر وعثمان رضي الله تعالى عنهما ، والكسائي : الصعقة ، وهي الصيحة هنا . وقرأ الحسن : الصاعقة ؛ وزيد بن علي كقراءة الكسائي . { وَهُمْ يَنظُرُونَ } : أي فجأة ، وهم ينظرون بعيونهم ، قاله الطبري : وكانت نهاراً . وقال مجاهد : { وَهُمْ يَنظُرُونَ } ينتظرون ذلك في تلك الأيام الثلاثة التي أعلموه فيها ، ورأوا علاماته في قلوبهم ، وانتظار العذاب أشد من العذاب . .
{ فَمَا اسْتَطَاعُواْ مِن قِيَامٍ } ، لقوله : { فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ } ، ونفي الاستطاعة أبلغ من نفي القدرة . { وَمَا كَانُواْ مُنتَصِرِينَ } ، أبلغ من نفي الانتصار : أي فما قدروا على الهرب ، ولا كانوا ممن ينتصر لنفسه فيدفع ما حل به . وقيل : { مِن قِيَامٍ } ، هو من قولهم : ما يقوم به إذا عجز عن دفعه ، فليس المعنى انتصاب القامة ، قاله قتادة . وقرأ أبو عمرو ، وحمزة ، والكسائي : { وَقَوْمِ } بالجر عطفاً على ما تقدم ، أي وفي قوم نوح ، وهي قراءة عبد الله . وقرأ باقي السبعة ، وأبو عمرو في رواية : بالنصب . قيل : عطفاً على الضمير في { فَأَخَذَتْهُمُ } ؛ وقيل : عطفاً على { فَنَبَذْنَاهُمْ } ، لأن معنى كل منهما : فأهلكناهم . وقيل : منصوب بإضمار فعل تقديره : وأهلكنا قوم نوح ، لدلالة معنى الكلام عليه .