@ 127 @ ابن عطية : يحتمل أن تكون من نعتاً . انتهى ، وهذا لا يجوز ، لأن من لا ينعت بها ، وبالغيب حال من المفعول ، أي وهو غائب عنه ، وإنما أدركه بالعلم الضروري ، إذ كل مصنوع لا بد له من صانع . ويجوز أن تكون صفة لمصدر خشي ، أي خشية خشيه ملتبسة بالغيب ، حيث خشي عقابه وهو غائب ، أو خشيه بسبب الغيب الذي أوعده به من عذابه . وقيل : في الخلوة حيث لا يراه أحد ، فيكون حالاً من الفاعل . وقرن بالخشية الرحمن بناء على الخاشي ، حيث علم أنه واسع الرحمة ، وهو مع ذلك يخشاه . .
{ ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ } : أي سالمين من العذاب ، أو مسلماً عليكم من الله وملائكته . { ذَلِكَ يَوْمُ الُخُلُودِ } : كقوله : { فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ } : أي مقدرين الخلود ، وهو معادل لقوله في الكفار : { ذَلِكَ يَوْمَ الْوَعِيدِ } . { لَهُم مَّا يَشَاءونَ فِيهَا } : أي ما تعلقت به مشيئاتهم من أنواع الملاذ والكرمات ، كقوله تعالى : { وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِى أَنفُسُكُمْ } . { وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ } : زيادة ، أو شيء مزيد على ما تشاءون ، ونحوه : { فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِىَ لَهُم مّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ } ، وكما جاء في الحديث : ( أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ما اطلعتهم عليه ) ، ومزيد مبهم ، فقيل : مضاعفة الحسنة بعشر أمثالها . وقيل : أزواج من حور الجنة . وقيل : تجلى الله تعالى لهم حتى يرونه . .
قوله عز وجل : { وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مّن قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُم بَطْشاً فَنَقَّبُواْ فِى الْبِلَادِ هَلْ مِن مَّحِيصٍ * إِنَّ فِى ذالِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ * وَلَقَدْ خَلَقْنَا * السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ * وَمَا بَيْنَهُمَا فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ * فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ * وَمِنَ الَّيْلِ فَسَبّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ * وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ * يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ * إِنَّا نَحْنُ نُحْىِ وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ * يَوْمَ تَشَقَّقُ الاْرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعاً ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ * نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكّرْ بِالْقُرْءانِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ } . .
أي كثيراً . { أَهْلَكْنَا } : أي قبل قريش . { هُمْ أَشَدُّ مِنْهُم بَطْشاً } ، لكثرة قوتهم وأموالهم . وقرأ الجمهور : { فَنَقَّبُواْ } ، بفتح القاف مشددة ، والظاهر أن الضمير في نقبوا عائد على كم ، أي دخلوا البلاد من أنقابها . والمعنى : طافوا في البلاد . وقيل : نقروا وبحثوا ، والتنقيب : التنقير والبحث . قال امرؤ القيس في معنى التطواف : % ( وقد نقبت في الآفاق حتى % .
رضيت من الغنيمة بالإياب .
) % .
.
وروي : وقد طوفت . وقال الحارث بن خالدة : % ( نقبوا في البلاد من الموت % .
وجالوا في الأرض كل مجال .
) % .
وفنقبوا متسبب عن شدة بطشهم ، فهي التي أقدرتهم على التنقيب وقوتهم عليه . ويجوز أن يعود الضمير في فنقبوا على قريش ، أي فنقبوا في أسفارهم في بلاد القرون ، فهل رأوا محيصاً حتى يؤملوه لأنفسهم ؟ ويدل على عود الضمير على أهل مكة قراءة ابن عباس ، وابن يعمر ، وأبي العالية ، ونصر بن يسار ، وأبي حيوة ، والأصمعي عن أبي عمرو : بكسر القاف مشدّدة على الأمر لأهل مكة ، أي فسيحوا في البلاد وابحثوا . وقرىء : بكسر القاف خفيفة ، أي نقبت أقدامهم وأخفاف إبلهم ، أو حفيت لكثرة تطوافهم في البلاد ، من نقب خف البعير إذا انتقب ودمى . ويحتمل أن يكون { هَلْ مِن مَّحِيصٍ } على إضمار القول ، أي يقولون هل من محيص من الهلاك ؟ واحتمل أن لا يكون ثم قول ، أي لا محيص