@ 26 @ ونحو من هذا التخريج قول من قال : لجعلنا من الأنس ملائكة ، وإن لم تجر العادة بذلك . والجواهر جنس واحد ، والاختلاف بالأوصاف . { يَخْلُفُونَ } ، قال السدي : يكونون خلفاءكم . وقال قتادة : يخلف بعضهم بعضاً . وقال مجاهد : في عمارة الأرض . وقيل : في الرسالة بدلاً من رسلكم . والظاهر أن الضمير في : { وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لّلسَّاعَةِ } يعود على عيسى ، إذ الظاهر في الضمائر السابقة أنها عائدة عليه . وقال ابن عباس : ومجاهد ، وقتادة ، والحسن ، والسدي ، والضحاك ، وابن زيد : أي وإن خروجه لعلم للساعة يدل على قرب قيامها ، إذ خروجه شرط من أشراطها ، وهو نزوله من السماء في آخر الزمان . وقال الحسن ، وقتادة أيضاً ، وابن جبير : يعود على القرآن على معنى أن يدل إنزاله على قرب الساعة ، أو أنه به تعلم الساعة وأهوالها . وقالت فرقة : يعود على النبي صلى الله عليه وسلم ) ، إذ هو آخر الأنبياء ، تميزت الساعة به نوعاً وقدراً من التمييز ، ونفى التحديد التام الذي انفرد الله تعالى بعلمه . وقرأ الجمهور : لعلم ، مصدر علم . قال الزمخشري : أي شرط من أشراطها تعلم به ، فسمى العلم شرطاً لحصول العلم به . وقرأ ابن عباس ، وأبو هريرة ، وأبو مالك الغفاري ، وزيد بن علي ، وقتادة ، ومجاهد ، والضحاك ، ومالك بن دينار ، والأعمش ، والكلبي . قال ابن عطية ، وأبو نصرة : لعلم ، بفتح العين واللام ، أي لعلامة . وقرأ عكرمة به . قال ابن خالويه ، وأبو نصرة : للعلم ، معرفاً بفتحتين . .
{ فَلاَ تَمْتَرُنَّ بِهَا } : أي لا تشكون فيها ، { وَاتَّبِعُونِ هَاذَا } : أي هداي أو شرعي . وقيل : أي قل لهم يا محمد : واتبعوني هذا ، أي الذي أدعوكم له ، أو هذا القرآن ؛ كان الضمير في قال القرآن ، ثم حذرهم من إغواء الشيطان ، ونبه على عداوته { بِالْبَيِّنَاتِ } : أي المعجزات ، أو بآيات الإنجيل الواضحات . { بِالْحِكْمَةِ } : أي بما تقتضيه الحكمة الإلهية من الشرائع . قال السدي : بالحكمة : النبوة . وقال أيضاً : قضايا يحكم بها العقل . وذكر القشيري والماوردي : الإنجيل . وقال الضحاك : الموعظة . { وَلابَيّنَ لَكُم بَعْضَ الَّذِى تَخْتَلِفُونَ فِيهِ } : وهو أمر الديانات ، لأن اختلافهم يكون فيها ، وفي غيرها من الأمور التي لا تتعلق بالديانات . فأمور الديانات بعض ما يختلفون فيه ، وبين لهم في غيره ما احتاجوا إليه . وقيل : بعض ما يختلفون فيه من أحكام التوراة . وقال أبو عبيدة : بعض بمعنى كل ، ورده الناس عليه . وقال مقاتل : هو كقوله : { وَلاِحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرّمَ عَلَيْكُمْ } ، أي في الإنجيل : لحم الإبل ، والشحم من كل حيوان ، وصيد السمك يوم السبت . وقال مجاهد : بعض الذي يختلفون فيه من تبديل التوراة . وقيل : مما سألتم من أحكام التوراة . وقال قتادة : ولأبين لكم اختلاف القرون الذين تحزبوا في أمر عيسى في قوله : { قَدْ جِئْتُكُم بِالْحِكْمَةِ } ، وهم قومه المبعوث إليهم ، أي من تلقائهم ومن أنفسهم ، بان شرهم ولم يدخل عليهم الاختلاف من غيرهم . وتقدم الخلاف في اختلافهم في سورة مريم في قوله : { فَاخْتَلَفَ الاْحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ } . .
{ هَلْ يَنظُرُونَ } : الضمير لقريش ، و { أَن تَأْتِيهُمُ } : بدل من الساعة ، أي إتيانها إياهم . { الاْخِلاء يَوْمَئِذٍ } : قيل نزلت في أبيّ بن خلف وعقبة بن أبي معيط . والتنوين في يومئذ عوض عن الجملة المحذوفة ، أي يوم إذ تأتيهم الساعة ، ويومئذ منصوب بعد ، والمعنى : أنه ينقطع كل خلة وتنقلب الأخلة المتقين ، فإنها لا تزداد إلا قوّة . وقيل : { إِلاَّ الْمُتَّقِينَ } : إلا المجتنبين أخلاء السوء ، وذلك أن أخلاء السوء كل منهم يرى أن الضرر دخل عليه من خليله ، كما أن المتقين يرى كل منهم النفع دخل عليهم من خليله . وقرىء : يا عبادي ، بالياء ، وهو الأصل ، ويا عباد بحذفها ، وهو الأكثر ، وكلاهما في السبعة . وعن المعتمر بن سليمان : سمع أن الناس حين يبعثون ، ليس منهم أحد إلا يفزغ فينادي منادٍ { الْمُتَّقِينَ ياعِبَادِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمُ } ، فيرجوها الناس كلهم ، فيتبعها { الَّذِينَ كَفَرُواْ } ، قال : فييأس منها الكفار . وقرأ الجمهور : لا خوف ، مرفوع منون ؛ وابن محيصن : بالرفع من غير تنوين ؛ والحسن ، والزهري ، وابن أبي إسحاق ، وعيسى ، وابن يعمر : بفتحها من غير تنوين ، و { الَّذِينَ كَفَرُواْ } صفة ليا عبادي . .
{ تُحْبَرُونَ } : تسرون سروراً يظهر حباره ، أي أثره على وجوهكم ، لقوله تعالى : { تَعْرِفُ فِى وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ } . وقال الزجاج : يكرمون إكراماً يبالغ فيه ، والحبرة : المبالغة فيما وصف بجميل وأمال أبو الحرث عن الكسائي . { بِصِحَافٍ }