@ 476 @ داخلون في الآية ، وإلا فالسورة بكمالها مكية بلا خلاف . ولم يكن الأذان بمكة ، إنما شرع بالمدينة ، والدعاء إلى الله يكون بالدعاء إلى الإسلام وبجهاد الكفار وكف الظلمة . وقال زيد بن علي : دعا إلى الله بالسيف ، وهذا ، والله أعلم ، هو الذي حمله على الخروج بالسيف على بعض الظلمة من ملوك بني أمية . وكان زيد هذا عالماً بكتاب الله ، وقد وقفت على جملة من تفسيره كتاب الله وإلقائه على بعض النقلة عنه وهو في حبس هشام بن عبد الملك ، وفيه من العلم والاستشهاد بكلام العرب حظ وافر ، يقال : إنه كان إذا تناظر هو وأخوه محمد الباقر اجتمع الناس بالمحابر يكتبون ما يصدر عنهما من العلم ، رحمهما الله ورضي عنهما . وقال أبو العالية : { وَعَمِلَ صَالِحَاً } : صلى بين الأذان والإقامة . وقال عكرمة : صلى وصام . وقال الكلبي : أدّى الفرائض . وقال مجاهد : هي عامة في كل من جمع بين هذه الثلاثة أن يكون موحداً معتقداً لدين الإسلام ، عاملاً بالخير داعياً إليه ، ومآلهم إلى طبقة العالمين العاملين من أهل العدل والتوحيد الدعاة إلى دين الإسلام . انتهى ، ويعني بذلك المعتزلة ، يسمون أنفسهم أهل العدل والتوحيد ، ويوجد ذلك في أشعارهم ، كما قال ابن أبي الحديد المعتزلي ، صاحب كتاب ( الفلك الدائر في الرد على كتاب المثل السائر ) ، قال من كلامه : أنشدنا عنه الإمام الحافظ شرف الدين عبد المؤمن بن خلف الدمياطي رحمه الله تعالى : % ( لولا ثلاث لم أخف صرعتي % .
ليست كما قال فتى العبد .
) % .
% ( أن أنصر التوحيد والعدل في % .
كل مقام باذلاً جهدي .
) % .
% ( وأن أناجي الله مستمتعا % .
بخلوة أحلى من الشهد .
) % .
% ( وأن أصول الدهر كبراً على % .
.
كل لئيم أصعر الخد .
) % .
.
.
.
) % .
لذاك أهوى لا فتاة ولا .
خمر ولا ذي ميعة نهد .
) % .
{ وَقَالَ إِنَّنِى مِنَ الْمُسْلِمِينَ } : ليس المعنى أنه تكلم بهذا ، بل جعل الإسلام معتقده . كما تقول : هذا قول الشافعي ، أي مذهبه . وقرأ ابن أبي عبلة ، وإبراهيم بن نوح عن قتيبة الميال : وقال إني ، بنون مشددة واحدة ؛ والجمهور : إنني بها وبنون الوقاية . وقال أبو بكر بن العربي : لم يشترط إلا إن شاء الله ، ففيه رد على من يقول : أنا مسلم إن شاء الله . ولما ذكر تعالى أنه لا أحد أحسن ممن دعا إلى الله ، ذكر ما يترتب على ذلك من حسن الأخلاق ، وأن الداعي إلى الله قد يجافيه المدعو ، فينبغي أن يرفق به ويتلطف في إيصال الخير فيه . قيل : ونزلت في أبي سفيان بن حرب ، وكان عدوًّا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ) ، فصار ولياً مصافياً . وقال ابن عباس : الحسنة لا إله إلا الله ، والسيئة الشرك . وقال الكلبي : الدعوتان إليهما . وقال الضحاك : الحلم والفحش . وعن علي : حب الرسول وآله وبغضهم . وقيل : الصبر والنفور . وقيل : المداراة والغلظة . وقيل : العفو والاقتصاد ، وهذه أمثلة للحسنة والسيئة ، لا على طريق الحصر . .
ولما تفاوتت الحسنة والسيئة ، أمر أن يدفع السيئة بالأحسن ، وذلك مبالغة ، ولم يقل : ادفع بالحسنة السيئة ، لأن من هان عليه الدفع بالأحسن هان عليه الدفع بالحسن ، أي وإذا فعلت ذلك ، { فَإِذَا الَّذِى بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ } صار لك كالولي : الصديق الخالص الصداقة ، ولا في قوله : { وَلاَ السَّيّئَةُ } زائدة للتوكيد ، كهي في قوله : { وَلاَ الظّلُّ وَلاَ الْحَرُورُ } ، لأن استوى لا يكتفي بمفرد ، فإن إحدى الحسنة والسيئة جنس لم تكن زيادتها كزيادتها في الوجه الذي قبل هذا ، إذ يصير المعنى : ولا تستوي الحسنات ، إذ هي متفاوتات في أنفسها ، ولا السيئات لتفاوتها أيضاً . قال ابن عطية : دخلت كأن للتشبيه ، لأن الذي عند عداوة لا يعود ولياً حميماً ، وإنما يحسن ظاهره ، فيشبه بذلك الولي الحميم ، وعن ابن عباس : { بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ } : الصبر عند الغضب ، والحلم عند الجهل ، والعفو عند الإساءة . وقال مجاهد ، وعطاء : السلام عند اللقاء . انتهى ، أي هو مبدأ الدفع بالأحسن ، لأنه محصور فيه . وعن مجاهد أيضاً : أعرض عن أذاهم . وقال أبو فراس الحمداني