@ 475 @ الاستقامة . وعن سفيان بن عبد الله الثقفي ، قلت للنبي / صلى الله عليه وسلم ) : أخبرني بأمر أعتصم به ، قال : ( قل ربي الله ثم استقم ) قلت : ما أخوف ما تخاف علي ، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ) بلسان نفسه وقال : ( هذا ) وعن الصديق : ثم استقاموا على التوحيد ، لم يضطرب إيمانهم . وعن عمر : استقاموا لله بطاعته لم يرو غوار وغان الثعالب . وعن عثمان : أخلصوا العمل . وعن علي : أدوا الفرائض . وقال أبو العالية ، والسدي : استقاموا على الإخلاص والعمل إلى الموت . وقال الثوري : عملوا على وفاق ما قالوا . وقال الفضل : زهدوا في الفانية ورغبوا في الباقية . وقال الربيع : أعرضوا عن ما سوى الله تعالى . وقيل : استقاموا فعلا كما استقاموا قولاً . وعن الحسن وقتادة وجماعة : استقاموا بالطاعات واجتناب المعاصي . قال الزمخشري : وثم لتراخي الاستقامة عن الإقرار في المرتبة وفضلها عليه ، لأن الاستقامة لها الشأن كله ، ونحوه قوله تعالى : { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ ءامَنُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُواْ } ، والمعنى : ثم ثبتوا على الإقرار ومقتضياته . وعن الصديق رضي الله عنه أنه تلاها ثم قال : ما تقولون فيها ؟ قالوا : لم يذنبوا ، قال : حملتم الأمر على أشده ، قالوا : فما تقول ؟ قال لم يرجعوا إلى عبادة الأوثان . انتهى . .
{ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَئِكَةُ } ، قال مجاهد والسدي : عند الموت . وقال مقاتل : عند البعث . وقيل : عند الموت ، وفي القبر ، وعند البعث . وأن ناصبة للمضارع ، أي بانتفاء خوفكم وحزنكم ، قال معناه الحوفي وأبو البقاء . وقال الزمخشري : بمعنى أي أو المخففة من الثقيلة ، وأصله بأنه لا تخافوا ، والهاء ضمير الشأن . انتهى . وعلى هذين التقديرين يكون الفعل مجزوماً بلا الناهية ، وهذه آية عامة في كل هم مستأنف وتسلية تامة عن كل فائت ماض ، ولذلك قال مجاهد : لا تخافوا ما تقدرون عليه ، ولا تحزنوا على ما خلفتم من دنياكم . وقال عطاء بن أبي رباح : { لا * تَخَافُواْ } رد ثوابكم ، فإنه مقبول ؛ { وَلاَ تَحْزَنُواْ } على ذنوبكم ، فإني أغفرها لكم . وفي قراءة عبد الله : لا تخافوا ، بإسقاط أن ، أي تتنزل عليهم الملائكة قائلين : لا تخافوا ولا تحزنوا . ولما كان الخوف مما يتوقع من المكروه أعظم من الحزن على الفائت قدمه ، ثم لما وقع الأمن لهم ، بشروا بما يؤولون إليه من دخول الجنة ، فحصل لهم من الأمن التام والسرور العظيم بما سيفعلون من الخير . .
{ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ } : الظاهر أنه من كلام الملائكة ، أي يقولون لهم . وفي قراءة عبد الله : يكون من جملة المقول قبل ، أي نحن كنا أولياءكم في الدنيا ، ونحن أولياؤكم في الآخرة . لما كان أولياء الكفار قرناؤهم من الشياطين ، كان أولياء المؤمنين الملائكة . وقال السدي : نحن حفظتكم في الدنيا ، وأولياؤكم في الآخرة . وقيل : { نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ } من كلام الله تعالى ، أولياؤكم بالكفاية والهداية ، { وَلَكُمْ فِيهَا } : الضمير عائد على الآخرة ، قاله ابن عطية . وقال الحوفي : على الجنة ، { مَا تَشْتَهِى أَنفُسُكُمْ } من الملاذ ، { وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ } . قال مقاتل : ما تتمنون . وقيل : ما تريدون . وقال ابن عيسى : ما تدعي أنه لك ، فهو لك بحكم ربك . قال ابن عطية : ما تطلبون . { نُزُلاً مّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ } النزل : الرزق المقدم للنزيل وهو الضيف ، قال معناه ابن عطاء ، فيكون نزلاً حالاً ، أي تعطون ذلك في حال كونه نزولاً لا نزلاً ، وجعله بعضهم مصدراً لأنزل . وقيل نزل جمع نازل ، كشارف وشرف ، فينتصب على الحال ، أي نازلين ، وذو الحال الضمير المرفوع في يدعون . وقال الحسن : معنى نزلاً منا ، وقيل : ثواباً . وقرأ أبو حيوة : نزلاً بإسكان الزاي . .
ولما تقدم قوله تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُواْ } ، ذكر من دعا إلى ذلك فقال : { وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً } : أي لا أحد أحسن قولاً ممن يدعو إلى توحيد الله ، ويعمل العمل الصالح ، ويصرح أنه من المستسلمين لأمر الله المنقادين له ، والظاهر العموم في كل داع إلى الله ، وإلى العموم ذهب الحسن ومقاتل وجماعة . وقيل بالخصوص ، فقال ابن عباس : هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ، دعا إلى الإسلام ، وعمل صالحاً فيما بينه وبين ربه ، وجعل الإسلام نحلة . وعنه أيضاً : هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ) . وقالت عائشة ، وقيس بن أبي حازم ، وعكرمة ، ومجاهد : نزلت في المؤذنين ، وينبغي أن يتأول قولهم على أنهم