@ 470 @ كما يوصف الله تعالى بالعلم ، ويوصف الإنسان بالعلم . .
ثم ذكر تعالى ما أصاب به عاداً فقال : { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً } في الحديث : ( أنه تعالى أمر خزنة الريح ففتحوا عليهم قدر حلقة الخاتم ، ولو فتحوا قدر منخر الثور لهلكت الدنيا ) . وروي أنها كانت تحمل العير بأوقادها ، فترميهم في البحر . والصرصر ، قال مجاهد : شديدة السموم . وقال ابن عباس ، والضحاك ، وقتادة ، والسدي : من الصر ، أي باردة . وقال السدي أيضاً ، وأبو عبيدة ، وابن قتيبة ، والطبري ، وجماعة : من صرصر إذا صوت . وقال ابن الكسيت : صرصر ، يجوز أن يكون من الصرة ، وهي الصيحة ، ومنه : { فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِى صَرَّةٍ } . وصرصر : نهر بالعراق . وقرأ الحرميان ، وأبو عمرو ، والنخعي ، وعيسى ، والأعرج نحسات ، بسكون الحاء ، فاحتمل أن يكون مصدراً وصف به وتارة يضاف إليه ، واحتمل أن يكون مخففاً من فعل . وقال الطبري : نحس ونحس : مقت . وقال الزمخشري : مخفف نحس ، أو صفة على فعل ، أو وصف بمصدر . انتهى . وتتبعت ما ذكره التصريفيون مما جاء صفة من فعل اللازم فلم يذكروا فيه فعلاً بسكون العين ، قالوا : يأتي على فعل كفرح وهو فرح ، وعلى أفعل حور فهو أحور ، وعلى فعلان شبع فهو شبعان ، وقد يجيء على فاعل سلم فهو سالم ، وبلى فهو بال . وقرأ قتادة ، وأبو رجاء ، والجحدري ، وشيبة ، وأبو جعفر ، والأعمش ، وباقي السبعة : بكسر الحاء وهو القياس ، وفعله نحس على فعل بكسر العين ، ونحسات صفة لأيام جمع بألف وتاء ، لأنه جمع صفة لما لا يعقل . قال مجاهد ، وقتادة ، والسدّي : مشائيم من النحس المعروف . وقال الضحاك : شديدة البرد ، وحتى كان البرد عذاباً لهم . وأنشد الأصمعي في النحس بمعنى البرد : % ( كأن سلافة عرضت بنحس % .
يخيل شقيقها الماء الزلالا .
) % .
.
وقيل : سميت بذلك لأنها ذات غبار ، ومنه قول الراجز : % ( قد اغتدي قبل طلوع الشمس % .
للصيد في يوم قليل النحس .
) % .
.
يريد : قليل الغبار . وقال ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة : متتابعات كانت آخر شوال من أربعاء إلى أربعاء . وقال السدّي : أولها غداة يوم الأحد . وقال الربيع بن أنس : يوم الجمعة . وقال يحيى بن سلام : يوم الأحد . { لّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْىِ فِى الْحَيَواةِ الدُّنْيَا } : وهو الهلاك . وقرىء : لتذيقهم بالتاء . وقال الزمخشري : على الإذاقة للريح ، أو للأيام النحسات . وأضاف العذاب إلى الخزي إضافة الموصوف إلى صفته لم يأت بلفظة أخرى التي تقتضي المشاركة والتفصيل خبراً عن قوله : { وَلَعَذَابُ الاْخِرَةِ } ، وهو إسناد مجازي ، أو وصف العذاب بالخزي أبلغ من وصفهم به . ألا ترى تفاوت ما بين قولك : هو شاعر ، وقوله : له شعر شاعر ؟ وقابل استكبارهم بعذاب الخزي ، وهو الذل والهوان . وبدأ بقصة عاد ، لأنها أقدم زماناً ، ثم ذكر ثمود فقال : { وَأَمَّا ثَمُودُ } . وقرأ الجمهور : بالرفع ممنوع من الصرف ؛ وابن وثاب ، والأعمش ، وبكر بن حبيب : مصروفاً ، وهي قراءة ابن وثاب ، والأعمش في ثمود بالتنوين في جميع القرآن إلا قوله : { وَمَا مَنَعَنَا أَن } ، لأنه في المصحف بغير ألف . وقرىء : ثمود بالنصب ممنوعاً من الصرف ، والحسن ، وابن أبي إسحاق ، والأعمش : ثموداً منونة منصوبة . وروى المفضل عن عاصم الوجهين . انتهى . { فَهَدَيْنَاهُمْ } ، قال ابن عباس ، وقتادة ، والسدي ، وابن زيد : بينا لهم . قال ابن عطية : وليس الهدى هنا بمعنى الإرشاد . وقال الفراء ، وتبعه الزمخشري : فهديناهم : فذللناهم على طريق الضلالة والرشد ، كقوله تعالى : { وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَينِ } . .
{ فَاسْتَحَبُّواْ الْعَمَى عَلَى