@ 464 @ مقاتل : اعمل لإلهك الذي أرسلك ، فإننا عاملون لآلهتنا التي نعبدها . وقال الفراء : اعمل على مقتضى دينك ، ونحن نعمل على مقتضى ديننا ، وذكر الماوردي : اعمل لآخرتك ، فإنا نعمل لدنيانا . ولما كان القلب محل المعرفة ، والسمع والبصر معينان على تحصيل المعارف ، ذكروا أن هذه الثلاثة محجوبة عن أن يصل إليها مما يلقيه الرسول شيء . واحتمل قولهم : { فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ } ، أي تكون متاركة محضة ، وأن يكون استخفافاً . { قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَىَّ } ، وقرأ الجمهور : قل على الأمر ، وابن وثاب والأعمش : قال فعلاً ماضيا ، وهذا صدع بالتوحيد والرسالة . وقرأ النخعي والأعمش : يوحى بكسر الحاء ؛ والجمهور : بفتحها ، وأخبر أنه بشر مثلهم لا ملك ، لكنه أوحى إليه دونهم . وقال الحسن : علمه تعالى التواضع ، وأنه ما أوحى إليه توحيد الله ورفض آلهتكم . { فَاسْتَقِيمُواْ إِلَيْهِ } : أي له بالتوحيد الذي هو رأس الدين والعمل ، { وَاسْتَغْفِرُوهُ } : واسألوه المغفرة ، إذ هي رأس العمل الذي بحصوله تزول التبعات . وضمن استقيموا معنى التوجه ، فلذلك تعدى بإلى ، أي وجهوا استقامتكم إليه ، ولما كان العقل ناطقاً بأن السعادة مربوطة بأمرين : التعظيم لله والشفقة على خلقه ، ذكر أن الويل والثبور والحزن للمشركين الذين لم يعظموا الله في توحيده ، ونفي الشريك ، ولم يشفقوا على خلقه بإيصال الخير إليهم ، وأضافوا إلى ذلك إنكار البعث . والظاهر أن الزكاة على ظاهرها من زكاة الأموال ، قاله ابن السائب ، قال : كانوا يحجون ويعتمرون ولا يزكون . وقال الحسن وقتادة : وقيل : كانت قريش تطعم الحاج وتحرم من آمن منهم . وقال الحسن وقتادة أيضاً : المعنى لا يؤمنون بالزكاة ، ولا يقرون بها . وقال مجاهد والربيع : لا يزكون أعمالهم . وقال ابن عباس والجمهور : الزكاة هنا لا إله إلا الله التوحيد ، كما قال موسى عليه السلام لفرعون : { هَل لَّكَ إِلَى أَن تَزَكَّى } ، ويرجح هذا التأويل أن الآية من أول المكي ، وزكاة المال إنما نزلت بالمدينة ، قاله ابن عطية ، قال : وإنما هذه زكاة القلب والبدن ، أي تطهير من الشرك والمعاصي ، وقاله مجاهد والربيع . وقال الضحاك ومقاتل : الزكاة هنا النفقة في الطاعة . انتهى . وإذا كانت الزكاة المراد بها إخراج المال ، فإنما قرن بالكفر ، لكونها شاقة بإخراج المال الذي هو محبوب الطباع وشقيق الأرواح حثاً عليها . قال بعض الأدباء : % ( وقالوا شقيق الروح مالك فاحتفظ % .
.
به فأجبت المال خير من الروح .
) % .
.
.
.
) % .
أرى حفظه يفضي بتحسين حالتي .
وتضييعه يفضي لتسآل مقبوح .
) % .
{ إِنَّ الَّذِينَ ءامَنُواْ } ، قال السدي : نزلت في المرضى والزمني إذا عجزوا عن إكمال الطاعات ، كتب لهم من الأجر كأصح ما كانوا يعملون . والممنون : المنقوص ، قاله ابن عباس ، رضي الله عنه . قال ذو الأصبغ العدواني : % ( إني لعمرك ما بابي بذي غلق % .
على الصديق ولا خيري بممنون .
) % .
.
وقال مجاهد : غير محسوب ، وقيل : غير مقطوع ، قال الشاعر : % ( فضل الجواد على الخيل البطاء فلا % .
يعطى بذلك ممنوناً ولا نزقا .
.
) % .
وقيل : لا يمن به لأن أعطيات الله تشريف ، والمن إنما يدخل أعطيات البشر . وقيل : لا يمن به لأنه إنما بمن