@ 458 @ الزمخشري : ومنها ، أي من الوجوه التي في الآية في قوله : { فَرِحُواْ بِمَا عِندَهُمْ مّنَ الْعِلْمِ } ، مبالغة في نفي فرحهم بالوحي الموجب لأقصى الفرح والسرور في تهكم بفرط جهلهم وخلوهم من العلم . انتهى . ولا يعبر بالجملة الظاهر كونها مثبتة عن الجملة المنفية إلا في قليل من الكلام ، نحو قولهم : شر أهر ذا ناب ، على خلاف فيه ، ولما آل أمره إلى الإيتاء المحصور جاز . وأما في الآية فينبغي أن لا يحمل على القليل ، لأن في ذلك تخليطاً لمعاني الجمل المتباينة ، فلا يوثق بشيء منها . .
وقال الزمخشري : ويجوز أن يراد { فَرِحُواْ بِمَا عِندَهُمْ مّنَ الْعِلْمِ } : علمهم بأمور الدنيا ومعرفتهم بتدبيرها ، كما قال تعالى : { يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مّنَ الْحَيَواةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الاْخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ } ذلك مبلغهم من العلم ، فلما جاءتهم الرسل بعلوم الديانات ، وهي أبعد شيء من علمهم لبعثها على رفض الدنيا والظلف عن الملاذ والشهوات ، لم يلتفتوا إليها ، وصغروها واستهزؤوا بها ، واعتقدوا أنه لا علم أنفع وأجلب للفوائد من علمهم ، ففرحوا به . انتهى ، وهو توجيه حسن ، لكن فيه إكثار وشقشقة . { بَأْسَنَا } : أي عذابنا الشديد ، حكى حال من آمن بعد تلبيس العذاب به ، وأن ذلك لم يك نافعاً ، وفي ذلك حض على المبادرة إلى الإيمان ، وتخويف من التأني . فأما قوم يونس ، فإنهم رأوا العذاب لم يلتبس بهم ، وتقدمت قصتهم . وإيمانهم مرفوع بيك اسماً لها ، أو فاعل ينفعهم . وفي يك ضمير الشأن على الخلاف الذي في : كان يقوم زيد ، ودخل حرف النفي على الكون ، لا على النفي ، لأنه يؤدي إلى نفي الصحة ، إي لم يصح ولم يستقم لقوله : { مَا كَانَ للَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ } . وترادف هذه الفاءات ، أما في { فَمَا أَغْنَى } ، فلأنه كان نتيجة قوله : { كَانُواْ أَكْثَرَ مِنْهُمْ * وَلَمَّا * جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم } ، جار مجرى البيان والتفسير لقوله : { فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ } . و { فَمَا * رَأَوْاْ بَأْسَنَا } تابع لقوله : { فَمَا * جَاءتْهُمْ } ، كأنه قال : فكفروا به فلما رأوا بأسنا آمنوا ولم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأس الله ، وانتصب سنة على أنه مصدر مؤكد لمضمون الجملة السابقة ، أي أن ما فعل بهم هي سنة الله التي قد مضت وسبقت في عباده من إرسال الرسل والإعزاز بهم ، وتعذيب من كذبهم واستهانتهم واستئصالهم بالهلاك ، وعدم الانتفاع بالإيمان حالة تلبس العذاب بهم . وهنالك ظرف مكان استعير للزمان ، أي وخسر في ذلك الوقت الكافرون . وقيل : سنة منصوب على التحذير ، أي احذروا سنة الله يا أهل مكة في إعداد الرسل . .