@ 439 @ ويريد صاحب معنى آخر وقلب ، وهو ما تحتوي عليه الضمائر ، قسم ما ينكتم به إلى هذين القسمين ، وذكر أن علمه متعلق بهما التعلق التام . وقال الزمخشري : ولا يحسن أن يراد الخائنة من الأعين ، لأن قوله : { وَمَا تُخْفِى الصُّدُورُ } لا يساعد عليه . انتهى ، يعني أنه لا يناسب أن يكون مقابل المعنى إلا المعنى ، وتقدم أن الظاهر أن يكون التقدير الأعين الخائنة ، والظاهر أن قوله : يعلم خائنة الأعين الآية متصل بما قبله ، لما أمر بإنكاره يوم الآزفة ، وما يعرض فيه من شدة الكرب والغم ، وأن الظالم لا يجد من يحميه من ذلك ، ولا من يشفع له . .
ذكر اطلاعه تعالى على جميع ما يصدر من العبد ، وأنه مجازي بما عمل ، ليكون على حذر من ذلك اليوم إذا علم أن الله مطلع على أعماله . وقال ابن عطية : يعلم خائنة الأعين متصل بقوله : { سَرِيعُ الْحِسَابِ } ، لأن سرعة حسابه للخلق إنما هي بعلمه الذي لا يحتاج معه إلى روية وفكر ، ولا لشيء مما يحتاجه المحاسبون . وقالت فرقة : يعلم متصل بقوله : لا يخفي على الله منهم شيء ، وهذا قول حسن ، يقويه تناسب المعنيين ، ويضعفه بعد الآية من الآية وكثرة الحائل . انتهى . وقال الزمخشري : فإن قلت : فإن قلت : بم اتصل قوله : يعلم خائنة الاعين ؟ قلت : هو خبر من أخبار هو في قوله : { هُوَ الَّذِى * يُرِيكُمُ الْبَرْقَ } ، مثل : { يُلْقِى الرُّوحَ } ، ولكن من يلقي الروح قد علل بقوله : { لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلاَقِ } ، ثم أسقط وتذكر أحوال يوم التلاق إلى قوله : { وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ } ، فبعد لذلك عن إخوانه . انتهى . وفي بعض الكتب المنزلة ، انا مرصاد الهمم ، انا العالم بحال الفكر وكسر العيون . وقال مجاهد : خائنة الأعين : مسارقة النظر إلى ما لا يجوز ؛ ومثل المفسرون خائنة الأعين بالنظر الثاني إلى حرمة غير الناظر ، وما تحفي الصدور بالنظر الأول الذي لا يمكن رفعه . .
{ وَاللَّهُ يَقْضِى بِالْحَقّ } : هذا يوجب عظيم الخوف ، لأن الحاكم إذا كان عالماً بجميع الأحوال لا يقضي إلا بالحق في ما دق وجل خافه الخلق غاية . { وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَقْضُونَ بِشَىْء } : هذا قدح في أصنامهم وتهكم بهم ، لأن ما لا يوصف بالقدرة ، لا يقال فيه يقضي ولا يقضي . وقرأ الجمهور : { يَدَّعُونَ } بياء الغيبة لتناسب الضمائر الغائبة قبل . وقرأ أبو جعفر ، وشيبة ، ونافع : بخلاف عنه ؛ وهشام : تدعون بتاء الخطاب ، أي قل لهم يا محمد . { إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } : تقرير لقوله : { يَعْلَمُ خَائِنَةَ الاْعْيُنِ وَمَا تُخْفِى الصُّدُورُ } ، وعيد لهم بأنه يسمع ما يقولون ويبصر ما يعلمون وتعريض بأصنامهم أنها لا تسمع ولا تبصر . { أَوَ لَمْ * يَسِيروُاْ فِى الاْرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُواْ مِن قَبْلِهِمْ } : أحال قريشاً على الاعتبار بالسير ، وجاز أن يكون فينظروا مجزوماً عطفاً على يسيروا وأن يكون منصوباً على جواب النفي ، كما قال : .
ألم تسأل فتخبرك الرسوم .
وتقدم الكلام على مثل هذه الجملة ، وحمل الزمخشري هم على أن يكون فصلاً ولا يتعين ، إذ يجوز أن يكون هم توكيداً لضمير كانوا . وقرأ الجمهور : منهم بضمير الغيبة ؛ وابن عامر : منكم بضمير الخطاب على سبيل الالتفات . { أَوَلَمْ يَسِيروُاْ فِى } : معطوف على قوة ، أي مبانيهم وحصونهم وعددهم كانت في غاية الشدة . { وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً } . وقال الزمخشري : أو أرادوا أكثر آثاراً لقوله : .
متقلداً سيفاً ورمحاً .
انتهى . أي : ومعتقلاً رمحاً ، ولا حاجة إلى ادعاء الحذف مع صحة المعنى بدونه . { مِن وَاقٍ } : أي وما كان لهم من عذاب الله من ساتر بمنعهم منعه . { ذالِكَ } : أي الأخذ ، وتقدم تفسير نظير ذلك . .
{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ * إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَشرُونَ فَقَالُواْ سَاحِرٌ كَذَّابٌ * فَلَمَّا جَاءهُمْ بِالْحَقّ مِنْ عِندِنَا قَالُواْ اقْتُلُواْ أَبْنَاء الَّذِينَ ءامَنُواْ مَعَهُ وَاسْتَحْيُواْ نِسَاءهُمْ وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِى ضَلَالٍ ( سقط : وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربه إني أخاف أن يبدل فيكم أو أن يظهر في الأرض الفساد ، وقال موسى إني عذت بربي وربكم من كل متكبر لا ) } .