@ 325 @ ذلك على سبيل الاستهزاء . وقال ابن عباس : ' كان بمكة زنادقة إذا أمروا بالصدقة ، قالوا : لا والله أيفقره الله ونطعمه نحن ، أو كانوا يسمعون المؤمنين يعلقون الأفعال بمشيئة الله لو شاء الله لأغني فلانا ، ولو شاء لأعزه ، ولو شاء لكان كذا فأخرجوا هذا الجواب مخرج الاستهزاء بالمؤمنين وبما كانوا يقولون . وقال القشيري : ' نزلت في قوم من الزنادقة لا يؤمنون بالصانع ، استهزاء بالمسلمين بهذا القول . وقال الحسن : ' ( وإذا قيل لهم ) : اليهود أمروا بإطعام الفقراء . وجواب ( لو نشاء ) قوله ( أطعمهم ) وورود الموجب بغير لام فصيح ، ومنه ( أن لو نشاء أصبناهم ) ! 2 < لو نشاء جعلناه أجاجا > 2 ! [ الواقعة 70 ] والأكثر مجيئة باللام . والتصريح بالموضعين من الكفر والإيمان ، دليل على أن المقول لهم هم الكافرون . والقائل لهم هم المؤمنون وإن كل وصف حامل صاحبه على ما صدر منه إذ كل إناء بالذي فيه يرشح . وأمروا بالانفاق مما رزقكم الله ، وهو عام في الإطعام وغيره فأجابوه بغاية المخالفة ، لأن نفي إطعامهم يقتضي نفي الإنفاق العام ، فكأنهم قالوا : لا ننفق ولا أقل الأشياء التي كانوا يسمحون بها ، ويؤثرون بها على أنفسهم وهو الإطعام الذي به يفتخرون ، وهذا على سبيل المبالغة ، كمن يقول لشخص : أعط لزيد دينارا فيقول : لا أعطيه درهما . فهذا أبلغ من لا أعطيه دينارا . والظاهر : أن قوله ( إن أنتم إلا في ضلال مبين ) من تمام كلام الكفار يخاطبون المؤمنين . أي : حيث طلبتم أن تطعموا من لا يريد الله إطعامه إذ لو أراد الله إطعامه لأطعمه هو . ويجوز أن يكون من قول الله لهم . استأنف زجرهم به ، أو من قول المؤمنين لهم ، ثم حكى تعالى عنهم ما يقولون على سبيل الاستهزاء والتعجيل لما توعدون به . أي : متى يوم القيامة الذي أنتم توعدوننا به ، أو متى هذا العذاب الذي تهددوننا به . وهو سبيل على سبيل الاستهزاء منهم لما أمروا بالتقوى ولا يتقي إلا مما يخاف وهم غير مؤمنين . سألوا متى يقع هذا الذي تخوفونا به استهزاء منهم . ( ما ينظرون ) أي : ما ينتظرون . ولما كانت هذه الصيحة لا بد من وقوعها جعلوا كأنهم منتظروها ، وهذه هي النفخة الأولى ، تأخذهم فيهلكون ، وهم يتخاصمون . أي : في معاملاتهم وأسواقهم وفي أماكنهم من غير إمهال لتوصية ولا رجوع إلى أهل . وفي الحديث : ' تقوم الساعة والرجلان قد نشر أثوبهما يتبايعانه فما يطويانه حتى تقوم ، والرجل يخفض ميزانه ويرفعه ، والرجل يرفع أكلته إلى فيه فما تصل إلى حتى تقوم ' وقيل : ( لا يرجعون ) إلى أهلهم قولا . وقيل : ولا إلى أهلهم يرجعون أبدا . وقرأ أبي ( يختصمون ) على الأصل والحرميان وأبو عمرو والأعرج وشبل وابن فنطنطين بإدغام التاء في الصاد ونقل حركتها إلى الخاء ، وأبو عمرو أيضا . وقالون يخالف بالاختلاس وتشديد الصاد . وعنهما إسكان الخاء وتخفيف الصاد من خصم . وباقي السبعة بكسر الخاء وشد الصاد . وفرقة بكسر الياء اتباعا لكسرة الخاء وشد الصاد . وقرأ ابن محيصن ( يرجعون ) بضم الياء وفتح الجيم ، وقرأ الأعرج في ( الصور ) بفتح الواو . والجمهور بإسكانها . وقرىء ( من الأجداف ) بالفاء بدل الثاء ، وقرأ الجمهور بالثاء و ( ينسلون ) بكسر السين . وابن أبي إسحاق وأبو عمرو بخلاف عنه يبضمها . وهذه النفخة هي الثانية التي يقوم الناس أحياء عنها ، ولا تنافر بين ( ينسلون ) وبين ! 2 < فإذا هم قيام ينظرون > 2 ! [ الزمر 68 ] لأنه لا ينسل إلا قائما ، ولأن تفاوت الزمانين يجعله كأنه زمان واحد . وقرأ ابن أبي ليلى ( يا ويلتنا ) بتاء التأنيث . وعنه أيضا ( يا ويلتى ) بالتاء بعدها ألف بدل من ياء الإضافة ومعنى هذه القراءة : أن كل واحد منهم يقول يا ويلتى . والجمهور و ( من بعثنا ) ( من ) استفهام . و ( بعث ) فعل ماض . وعلي وابن عباس والضحاك وأبو نهيك ( من ) حرف جر و ( بعثنا ) مجرور به . و ( المرقد ) استعارة عن مضجع الميت . واحتمل أن يكون مصدرا . أي : من رقادنا وهو أجود . أو يكون مكانا ، فيكون المفرد فيه يراد به الجمع ، أي : من مراقدنا . وما روي عن أبي كعب ومجاهد وقتادة : ' من أن جميع البشر ينامون نومة قبل الحشر ' فقالوا : هو غير صحيح الإسناد . وقيل : قالوا ( من مرقدنا ) لأن عذاب