@ 110 @ وقال ابن مسعود : أفرس الناس ثلاثة : بنت شعيب وصاحب يوسف في قوله : { عَسَى أَن يَنفَعَنَا } ، وأبو بكر في عمر . وفي قولها : { اسْتَجِرْهُ } ، دليل على مشروعية الإجارة عندهم ، وكذا كانت في كل ملة ، وهي ضرورة الناس ومصلحة الخلطة ، خلافاً لابن علية والأصم ، حيث كانا لا يجيزانها ؛ وهذا مما انعقد عليه الإجماع ، وخلافهما خرق . .
{ قَالَ إِنّى أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَىَّ هَاتَيْنِ } : رغب شعيب في مصاهرته ، لما وصفته به ، ولما رأى فيه من عزوفه عن الدنيا وتعلقه بالله وفراره من الكفرة . وقرأ ورش ، وأحمد بن موسى ، عن أبي عمرو : أنكحك إحدى ، بحذف الهمزة . وظاهر قوله : { أَنْ أُنكِحَكَ } ، أن الإنكاح إلى الولي لا حق للمرأ فيه ، خلافاً لأبي حنيفة في بعض صوره ، بأن تكون بالغة عالمة بمصالح نفسها ، فإنها تعقد على نفسها بمحضر من الشهود ، وفيه دليل على عرض الولي وليته على الزوج ، وقد فعل ذلك عمر ، ودليل على تزويج ابنته البكر من غير استئمار ، وبه قال مالك والشافعي . وقال أبو حنيفة : إذا بلغت البكر ، فلا تزوج إلا برضاها . قيل : وفيه دليل على قول من قال : لا ينعقد إلا بلفظ التزويج ، أو الإنكاح ، وبه قال ربيعة ، والشافعي ، وأبو ثور ، وأبو عبيد ، وداود . وإحدى ابنتي : مبهم ، وهذا عرض لا عقد . ألا ترى إلى قوله : { إِنّى أُرِيدُ } ؟ وحين العقد يعين من شاء منهما ، وكذلك لم بحدّ أول أمد الإجارة . والظاهر من الآية جواز النكاح بالإجارة ، وبه قال الشافعي وأصحابه وابن حبيب . وقال الزمخشري : { هَاتَيْنِ } ، فيه دليل على أنه كانت له غيرهما . انتهى . ولا دليل في ذلك ، لأنهما كانتا هما اللتين رآهما تذودان ، وجاءته إحداهما ، فأشار إليهما ، والإشارة إليهما لا تدل على أن له غيرهما . { عَلَى أَن تَأْجُرَنِى } في موضع الحال من ضمير أنكحك ، إما الفاعل ، وإما المفعول . وتأجرني ، من أجرته : كنت له أجيراً ، كقولك : أبوته : كنت له أباً ، ومفعول تأجرني الثاني محذوف تقديره نفسك . و { ثَمَانِىَ حِجَجٍ } : ظرف ، وقاله أبو البقاء . وقال الزمخشري : حجج : مفعول به ، ومعناه : رعيه ثماني حجج . { فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِندِكَ } : أي هو تبرع وتفضل لا اشتراط . { وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ } بإلزام أيّم الأجلين ، ولا في المعاشرة والمناقشة في مراعاة الأوقات ، وتكليف الرعاة أشياء من الخدم خارجة عن الشرط . { سَتَجِدُنِى إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ } : وعد صادق مقرون بالمشيئة من الصالحين في حسن المعاملة ووطاءة الخلق ، أو من الصالحين على العموم ، فيدخل تحته حسن المعاملة . .
ولما فرغ شعيب مما حاور به موسى ، قال موسى : { ذَلِكَ بَيْنِى وَبَيْنَكَ } ، على جهة التقدير والتوثق في أن الشرط إنما وقع في ثماني حجج . وذلك مبتدأ أخبره بيني وبينك ، إشارة إلى ما عاهده عليه ، أي ذلك الذي عاهدتني وشارطتني قائم بيننا جميعاً لا نخرج عنه ، ثم قال : { أَيَّمَا الاْجَلَيْنِ } ، أي الثماني أو العشر ؟ { فَلاَ عُدْوَانَ عَلَىَّ } : أي لا يعتدى عليّ في طلب الزيادة ، وأي شرط ، وما زائدة . وقرأ الحسن ، والعباس ، عن أبي عمرو : أيما ، بحذف الياء الثانية ، كما قال الشاعر : % ( تنظرت نصراً والسماكين أيما % .
علي من الغيث استهلت مواطره .
) % .
وقرأ عبد الله : أي الأجلين ما قضيت ، بزيادة ما بين الأجلين وقضيت . قال الزمخشري فإن قلت : ما الفرق بين موقع ما المزيدة في القراءتين ؟ قلت : وقعت في المستفيضة مؤكدة الإبهام ، أي زائدة في شياعها وفي الشاذ ، تأكيداً للقضاء ، كأنه قال : أي الأجلين صممت على قضائه وجردت عزيمتي له ؟ وقرأ أبو حيوة ، وابن قطيب : فلا عدوان ، بكسر العين . قال المبرد : قد علم أنه لا عدوان عليه في أتمهما ، ولكن جمعهما ، ليجعل الأول كالأتم في الوفاء . وقال الزمخشري :