@ 101 @ مُوسَى } الآية ، فصاحة ؟ وقد جمع بين أمرين ونهيين وخبرين وبشارتين . .
{ فَالْتَقَطَهُ ءالُ فِرْعَوْنَ } : في الكلام حذف تقديره : ففعلت ما أمرت به من إرضاعه ومن إلقائه في اليم . واللام في { لِيَكُونَ } للتعليل المجازي ، لما كان مآل التقاطه وتربيته إلى كونه عدواً لهم { وَحَزَناً } ، وإن كانوا لم يلتقطوه إلا للتبني ، وكونه يكون حبيباً لهم ، ويعبر عن هذه اللام بلام العاقبة وبلام الصيرورة . وقرأ الجمهور : وحزناً ، بفتح الحاء والزاي ، وهي لغة قريش . وقرأ ابن وثاب ، وطلحة ، والأعمش ، وحمزة ، والكسائي ، وابن سعدان : بضم الحاء وإسكان الزاي . والخاطىء : المتعمد الخطأ ، والمخطىء : الذي لا يتعمده . واحتمل أن يكون في الكلام حذف ، وهو الظاهر ، أي فكان لهم عدواً وحزناً ، أي لأنهم كانوا خاطئين ، لم يرجعوا إلى دينه ، وتعمدوا الجرائم والكفر بالله . وقال المبرد : خاطئين على أنفسهم بالتقاطه . وقيل : بقتل أولاد بني إسرائيل . وقيل : في تربية عدوّهم . .
وأضيف الجند هنا وفيما قبل إلى فرعون وهامان ، وإن كان هامان لا جنود له ، لأن أمر الجنود لا يستقيم إلا بالملك والوزير ، إذ بالوزير تحصل الأموال ، وبالملك وقهره يتوصل إلى تحصيلها ، ولا يكون قوام الجند إلا بالأموال . وقرىء : خاطيين ، بغير همز ، فاحتمل أن يكون أصله الهمز . وحذفت ، وهو الظاهر . وقيل : من خطا يخطو ، أي خاطين الصواب . .
ولما التقطوه ، هموا بقتله ، وخافوا أن يكون المولود الذي يحذرون زوال ملكهم على يديه ، فألقى الله محبته في قلب آسية امرأة فرعون ، ونقلوا أنها رأت نوراً في التابوت ، وتسهل عليها فتحه بعد تعسر فتحه على يدي غيرها ، وأن بنت فرعون أحبته أيضاً لبرئها من دائها الذي كان بها ، وهو البرص ، بإخبار من أخبر أنه لا يبرئها إلا ريق إنسان يوجد في تابوت في البحر . .
وقرة : خبر مبتدأ محذوف ، أي هو قرة ، ويبعد أن يكون مبتدأ والخبر { لاَ تَقْتُلُوهُ } ؛ وتقدم شرح قرة في آخر الفرقان . وذكر أنها لما قالت لفرعون : { قُرَّةُ عَيْنٍ لّى وَلَكَ } ، قال : لك لا لي . وروي أنها قالت له : لعله من قوم آخرين ليس من بني إسرائيلي ، وأتبعت النهي عن قتله برجائها أن ينفعهم لظهور مخايل الخير فيه من النور الذي رأته ، ومن برء البرص ، أو يتخذوه ولداً ، فإنه أهل لذلك . { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } : جملة حالية ، أي لا يشعرون أنه الذي يفسد ملكهم على يديه ، قاله قتادة ؛ أو أنه عدو لهم ، قاله مجاهد ؛ أو أني أفعل ما أريد لا ما يريدون ، قاله محمد بن إسحاق . والظاهر أنه من كلام الله تعالى . وقيل : هو من كلام امرأة فرعون ، أي قالت ذلك لفرعون ، والذين أشاروا بقتله لا يشعرون بمقالتها له واستعطاف قلبه عليه ، لئلا يغروه بقتله . .
وقال الزمخشري : تقدير الكلام : { فَالْتَقَطَهُ ءالُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً } ، و { قَالَتِ امْرَأَتُ * فِرْعَوْنُ } كذا ، { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } أنهم على خطأ عظيم في التقاطه ورجاء النفع منه وتبنيه . وقوله : { إِنَّ فِرْعَوْنَ } الآية ، جملة اعتراضية واقعة بين المعطوف والمعطوف عليه مؤكدة لمعنى خطئهم . انتهى . ومتى أمكن حمل الكلام على ظاهره من غير فصل كان أحسن . .
{ وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمّ مُوسَى فَارِغاً إِن كَادَتْ لَتُبْدِى بِهِ لَوْلا أَن رَّبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * وَقَالَتْ لاخْتِهِ قُصّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ * وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ * فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمّهِ كَىْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلاَ تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَاكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ * وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَىءاتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِى الْمُحْسِنِينَ } . .
{ وَأَصْبَحَ } : أي صار فارغاً من العقل ، وذلك حين بلغها أنه وقع في يد فرعون ، فدهمها أمر مثله لا يثبت معه العقل ، لا