@ 425 @ العالية . والباء في ببعضها للآلة ، كما تقول : ضربت بالقدوم ، والضمير عائد على البقرة ، أي ببعض البقرة . وفي الكلام حذف يدل عليه ما بعده وما قبله ، التقدير : فضربوه فحيي ، دل على ضربوه قوله تعالى : { اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا } ، ودل على فحيي قوله تعالى : { كَذالِكَ يُحْىِ اللَّهُ الْمَوْتَى } . ونقل أن الضرب كان على جيد القتيل ، وذلك قبل دفنه ، ومن قال : إنهم مكثوا في طلبها أربعين سنة ، أو من يقول : إنهم أمروا بطلبها ، ولم تكن في صلب ولا رحم ، فلا يكون الضرب إلا بعد دفنه . قيل : على قبره ، والأظهر أنه المباشر بالضرب لا القبر . وروي أنه قام وأوداجه تشخب دماً ، وأخبر بقاتله فقال : قتلني ابن أخي ، فقال بنو أخيه والله ما قتلناه ، فكذبوا بالحق بعد معاينته ، ثم مات مكانه . وفي بعض القصص أنه قال : قتلني فلان وفلان ، لا بني عمه ، ثم سقط ميتاً ، فأخذا وقتلا ، ولم يورثوا قاتلاً بعد ذلك . وقال الماوردي : كان الضرب بميت لا حياة فيه ، لئلا يلتبس على ذي شبهة أن الحياة إنما انقلبت إليه مما ضرب به لتزول الشبهة وتتأكد الحجة . .
{ كَذالِكَ يُحْىِ اللَّهُ الْمَوْتَى } : إن كان هذا خطاباً للذين حضروا إحياء القتيل ، كان ثم إضمار قول : أي وقلنا لهم كذلك يحيي الله الموتى يوم القيامة . وقدّره المارودي خطاباً مو موسى ، على نبينا وعليه الصلاة والسلام . وإن كان لمنكري البعث في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ، فيكون من تلوين الخطاب . والمعنى : كما أحيي قتيل بني إسرائيل في الدنيا ، كذلك يحيي الله الموتى يوم القيامة ، وإلى هذا ذهب الطبري ، والظاهر هو الأول ، لانتظام الآي في نسق واحد ، ولئلا يختلف خطاب { لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } ، وخطاب { ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ } ، لأن ظاهر قلوبكم أنه خطاب لبني إسرائيل . والكاف من كذلك صفة لمصدر محذوف منصوب بقوله : { فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا } ، أي إحياء مثل ذلك الإحياء يحيي الله الموتى ، والمماثلة إنما هي في مطلق الإحياء لاقى كيفية الإحياء ، فيكون ذلك إشارة إلى إحياء القتيل . وجعل صاحب المنتخب ذلك إشارة إلى نفس القتيل ، ويحتاج في تصحيح ذلك إلى حذف مضاف ، أي مثل إحياء ذلك القتيل ، يحيي الله الموتى ، فجعله إشارة إلى المصدر أولى وأقل تكلفاً . وإذا كان ذلك خطاباً لبني إسرائيل الحاضرين إحياء القتيل ، فحكمه مشاهدة ذلك ، وإن كانوا مؤمنين بالبعث ، اطمئنان قلوبهم وانتفاء الشبهة عنهم ، إذ الذي كانوا مؤمنين به بالاستدلال آمنوا به مشاهدة . .
{ وَيُرِيكُمْ ءايَاتِهِ } : ظاهر هذا الكلام الاستئناف ، ويجوز أن يكون معطوفاً على يحيي ، والظاهر أن الآيات جمع في اللفظ والمعنى ، وهي ما أراهم من إحياء الميت ، والعصا ، والحجر ، والغمام ، والمنّ والسلوى ، والسحر ، والبحر ، والطور ، وغير ذلك . وكانوا مع ذلك أعمى الناس قلوباً ، وأشد قسوة وتكذيباً لنبيهم في تلك الأوقات التي شاهدوا فيها تلك العجائب والمعجزات . وقال صاحب المنتخب : { وَيُرِيكُمْ ءايَاتِهِ } ، وإن كانت آية واحدة ، لأنها تدل على وجود الصانع القادر على كل المقدورات ، العالم بكل المعلومات ، المختار في الإيجاد والإبداع ، وعلى صدق موسى عليه الصلاة والسلام ، وعلى براءة ساحة من لم يكن قاتلاً ، وعلى تعين تلك التهمة على من باشر ذلك القتل . انتهى كلامه . .
{ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } : أي لعلكم تمتنعون من عصيانه ، وتعملون على قضية عقولكم ، من أن من قدر على إحياء نفس واحدة ، قدر على إحياء الأنفس كلها ، لعدم الاختصاص ، { مَّا خَلْقُكُمْ وَلاَ بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ واحِدَةٍ } ، أي كخلق نفس واحدة وبعثها . وقال الزمخشري : في الأسباب والشروط حكم وفوائد ، وإنما شرط ذلك لما في ذبح البقرة في من التقرب ، وأداء التكليف ، واكتساب الثواب ، والإشعار بحسن تقديم القربة على الطلب ، وما في التشديد عليهم ، لتشديدهم من اللطف لهم والآخرين في ترك التشديد ، والمسارعة إلى امتثال أوامر الله تعالى ، وارتسامها على الفور من غير تفتيش وتكثير سؤال ، ونفع اليتيم بالتجارة الرابحة ، والدلالة على بركة البر بالأبوين ، والشفقة على الأولاد ، وتجهيل الهازىء بما لا يعلم