@ 64 @ % ( والليالي إذا نأيتم طوال % .
والليالي إذا دنوتم قصار .
) % .
.
وذكر أن مثل : { مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ } ، يسمى تجنيس التصريف ، قال : وهو أن تنفرد كل كلمة من الكلمتين عن الأخرى بحرف ، ومنه قوله تعالى : { ذَلِكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَفْرَحُونَ فِى الاْرْضِ بِغَيْرِ الْحَقّ وَبِمَا كُنتُمْ تَمْرَحُونَ } ، وما ورد في الحديث : ( الخيل معقود في نواصيها الخير ) . وقال الشاعر : % ( لله ما صنعت بنا % .
تلك المعاجر والمحاجر .
) % .
.
وقال الزمخشري : وقوله : { مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ } ، من جنس الكلام الذي سماه المحدثون البديع ، وهو من محاسن الكلام الذي يتعلق باللفظ ، بشرط أن يجيء مطبوعاً ، أو بصيغة عالم بجوهر الكلام ، يحفظ معه صحة المعنى وسداده . ولقد جاء هنا زائداً على الصحة ، فحسن وبدع لفظاً ومعنى . ألا ترى لو وضع مكان بنبأ بخبر لكان المعنى صحيحاً ؟ وهو كما جاء أصح ، لما في النبأ من الزيادة التي يطابقها وصف الحال . انتهى . والزيادة التي أشار إليها هي أن النبأ لا يكون إلا الخبر الذي له شأن ، ولفظ الخبر مطلق ، ينطلق على ماله شأن وما ليس له شأن . .
ولما أبهم الهدهد أولاً ، ثم أبهم ثانياً دون الإبهام ، صرح بما كان أبهمه فقال : { إِنّى وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ } . ولا يدل قوله : { تَمْلِكُهُمْ } على جواز أن تكون المرأة ملكة ، لأن ذلك كان من فعل قوم بلقيس ، وهم كفار ، فلا حجة في ذلك . وفي صحيح البخاري ، من حديث ابن عباس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ) ، لما بلغه أن أهل فارس قد ملكوا بنت كسرى قال : ( لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة ) . ونقل عن محمد بن جرير أنه يجوز أن تكون المرأة قاضية ، ولم يصح عنه . ونقل عن أبي حنيفة أنها تقضي فيما تشهد فيه ، لا على الإطلاق ، ولا أن يكتب لها مسطور بأن فلانة مقدمة على الحكم ، وإنما ذلك على سبيل التحكم والاستنابة في القضية الواحدة . ومعنى وجدت هنا : أصبت ، والضمير في تملكهم عائد على سبأ ، إن كان أريد القبيلة ، وإن أريد الموضع ، فهو على حذف ، أي وجئتك من أهل سبأ . .
والمرأة بلقيس بنت شراحيل ، وكان أبوها ملك اليمن كلها ، وقد ولد له أربعون ملكاً ، ولم يكن له ولد غيرها ، فغلبت على الملك ، وكانت هي وقومها مجوساً يعبدون الشمس . واختلف في اسم أبيها اختلافاً كثيراً . قيل : وكانت أمها جنية تسمى ريحانة بنت السكن ، تزوجها أبوها ، إذ كان من عظميه لم ير أن يتزوج أحداً من ملوك زمانه ، فولدت له بلقيس ، وقد طولوا في قصصها بما لم يثبت في القرآن ، ولا الحديث الصحيح . .
وبدأ الهدهد بالإخبار عن ملكها ، وأنها أوتيت من كل شيء ، وهذا على سبيل المبالغة ، والمعنى : من كل شيء احتاجت إليه ، أو من كل شيء في أرضها . وبين قول الهدهد ذلك ، وبين قول سليمان : { وَأُوتِينَا مِن كُلّ شَىْء } فرق ، وذلك أن سليمان عطف على قوله : { عُلّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ } ، وهو معجزة ، فيرجع أولاً إلى ما أوتي من النبوة والحكمة وأسباب الدين ، ثم إلى الملك وأسباب الدنيا ، وعطف الهدهد على الملك ، فلم يرد إلا ما أوتيت من أسباب الدنيا اللائقة بحالها . { وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ } ، قال ابن زيد : هو مجلسها . وقال سفيان : هو كرسيها ، وكان مرصعاً بالجواهر ، وعليه سبعة أبواب . وذكروا من وصف عرشها أشياء ، الله هو العالم بحقيقة ذلك ، واستعظام الهدهد عرشها ، إما لاستصغار حالها أن يكون لها مثل هذا العرش ، وإما لأن سليمان لم يكن له مثله ، وإن كان عظيم المملكة في كل شيء ، لأنه قد يوجد لبعض أمراء الأطراف شيء لا يكون للملك الذي هو تحت طاعته . .
ولما