@ 341 @ مجللة بالقباطي فيتصدق بلحومها وبجلالها ، ويعتقد أن طاعة الله في التقرب بها وإهدائها إلى بيته المعظم أمر عظيم لا بد أن يقام به ويسارع فيه ، وذكر { الْقُلُوبُ } لأن المنافق يظهر التقوى وقلبه خال عنها ، فلا يكون مجداً في أداء الطاعات ، والمخلص التقوى بالله في قلبه فيبالغ في أدائها على سبيل الإخلاص . .
وقال الزمخشري : فإن تعظيمها { مِنْ } أفعال ذوي { تَقْوَى الْقُلُوبِ } فحذفت هذه المضافات ، ولا يستقيم المعنى إلاّ بتقديرها لأنه لا بد من راجع من الجزاء إلى { مِنْ } ليتربط به ، وإنما ذكرت { الْقُلُوبُ } لأنها مراكز التقوى التي إذا ثبتت فيها وتمكنت ظهر أثرها في سائر الأعضاء انتهى . .
وما قدره عار من راجع إلى الجزاء إلى { مِنْ } ألا ترى أن قوله فإن تعظيمها من أفعال القلوب ليس في شيء منه ضمير يعود إلى { مِنْ } يربط جملة الجزاء بجملة الشرط الذي أداته { مِنْ } وإصلاح ما قاله أن يكون التقدير فأي تعظيمها منه ، فيكون الضمير في منه عائداً على من فيرتبط الجزاء بالشرط . .
وقرىء { الْقُلُوبُ } بالرفع على الفاعلية بالمصدر الذي هو { تَقْوَى } والضمير في { فِيهَا } عائد على البدن على قول الجمهور ، والمنافع درها ونسلها وصوفها وركوب ظهرها { إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى } وهو أن يسميها ويوجبها هدياً فليس له شيء من منافعها . قاله ابن عباس في رواية مقسم ، ومجاهد وقتادة والضحاك . وقال عطاء : منافع الهدايا بعد إيجابها وتسميتها هدياً بأن تركب ويشرب لبنها عند الحاجة { إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى } أي إلى أن تنحر . وقيل : إلى أن تشعر فلا تركب إلاّ عند الضرورة . وروى أبو رزين عن ابن عباس : الأجل المسمى الخروج من مكة . وعن ابن عباس { إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى } أي إلى الخروج والانتقال من هذه الشعائر إلى غيرها . وقيل : الأجل يوم القيامة . وقال الزمخشري : إلى أن تنحر ويتصدق بلحومها ويؤكل منها . .
و { ثُمَّ } للتراخي في الوقت فاستعيرت للتراخي في الأفعال ، والمعنى أن لكم في الهدايا منافع كثيرة في دنياكم ودينكم وإنما يعبد الله بالمنافع الدينية قال تعالى : { تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الاْخِرَةَ } وأعظم هذه المنافع وأبعدها شوطاً في النفع محلها إلى البيت أي وجوب نحرها ، أو وقت وجوب نحرها منتهية إلى البيت كقوله { هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ } والمراد نحرها في الحرم الذي هو في حكم البيت لأن الحرم هو حريم البيت ، ومثل هذا في الاتساع قولك : بلغنا البلد وإنما شارفتموه واتصل مسيركم بحدوده . وقيل : المراد بالشعائر المناسك كلها و { مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ } يأباه انتهى . .
وقال القفال : الهدي المتطوع به إذا عطب قبل بلوغ مكة فإن محله موضعه ، فإذا بلغ منى فهي محله وكل فجاج مكة . وقال ابن عطية : وتكرر { ثُمَّ } لترتيب الجمل لأن المحل قبل الأجل ، ومعنى الكلام عند هاتين الفريقين يعني من قال مجاهد ومن وافقه ، ومن قال بقول عطاء { ثُمَّ مَحِلُّهَا } إلى موضع النحر فذكر البيت لأنه أشرف الحرم وهو المقصود بالهدي وغيره ، والأجل الرجوع إلى مكة لطواف الإفاضة وقوله { ثُمَّ مَحِلُّهَا } مأخوذ من إحلال المحرم معناه ، ثم أخر هذا كله إلى طواف الإفاضة بالبيت العتيق ، فالبيت على هذا التأويل مراد بنفسه قاله مالك في الموطأ انتهى . .
والمنسك مفعل من نسك واحتمل أن يكون موضعاً للنسك ، أي مكان نسك ، واحتمل أن يكون مصدراً واحتمل أن يراد به مكان العبادة مطلقاً أو العبادة ، واحتمل أن يراد نسك خاص أو نسكاً خاصاً وهو موضع ذبح أو ذبح ، وحمله الزمخشري على الذبح ، يقال : شرع الله لكل أمة أن ينسكوا له أي يذبحوا لوجهه على وجه التقرب ، وجعل العلة في ذلك أن يذكر اسمه تقدست أسماؤه على المناسك انتهى . وقياس بناء مفعل مما مضارعه يفعل يضم العين مفعل بفتحها في المصدر والزمان والمكان ، وبالفتح قرأ الجمهور . وقرأ بكسرها الأخوان وابن سعدان وأبو حاتم عن أبي عمرو ويونس ومحبوب وعبد الوارث إلا القصبي عنه . قال ابن عطية : والكسر في هذا من الشاذ ولا يسوغ فيه القياس ، ويشبه أن يكون الكسائي سمعه من العرب . وقال الأزهري : مينسك ومنسك لغتان . وقال مجاهد : المنسك الذبح ، وإراقة الدماء يقال : نسك إذا ذبح ، والذبيحة نسيكة وجمعها نسك . وقال الفرّاء : المنسك في كلام العرب المعتاد في خير وبر . وقال ابن عرفة { مَنسَكًا } أي مذهباً من طاعة الله ، يقال : نسك نسك قومه إذا سلك مذهبهم . وقال الفراء { مَنسَكًا } عيداً وقال قتادة : حجاً .