@ 286 @ تدخل على الممكن والممتنع نحو قوله { لَئِنْ أَشْرَكْتَ } . .
{ أَوَ لَمْ * يَرَ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّ * السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ * كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَىْء حَىّ أَفَلاَ يُؤْمِنُونَ * وَجَعَلْنَا فِى الاْرْضِ رَوَاسِىَ أَن تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجاً سُبُلاً لَّعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ * وَجَعَلْنَا السَّمَاء سَقْفاً مَّحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ ءايَاتِهَا مُعْرِضُونَ * وَهُوَ الَّذِى خَلَقَ الَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِى فَلَكٍ يَسْبَحُونَ * وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِيْن مّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ * كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ } . .
هذا استفهام توبيخ لمن ادعى مع الله آلهة ، ودلالة على تنزيهه عن الشريك ، وتوكيد لما تقدم من أدلة التوحيد ، ورد على عبدة الأوثان من حيث أن الإله القادر على هذه المخلوقات المتصرف فيها التصرف العجيب ، كيف يجوز في العقل أن يعدل عن عبادته إلى عبادة حجر لا يضر ولا ينفع والرؤية هنا من رؤية القلب . وقيل : من رؤية البصر وذلك على الاختلاف في الرتق والفتق . وقرأ ابن كثير وحميد وابن محيصن ألم يَرَ بغير واو العطف والجمهور { أَوَ لَمْ } بالواو . { كَانَتَا } قال الزجاج : السموات جمع أريد به الواحد ، ولهذا قال { كَانَتَا رَتْقاً } لأنه أراد السماء والأرض ، ومنه أن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا جعل السموات نوعاً والأرضين نوعاً ، فأخبر عن النوعين كما أخبر عن اثنين كما تقول : أصلحت بين القوم ومر بنا غنمان أسودان لقطيعي غنم . وقال الحوفي : قال { كَانَتَا رَتْقاً } والسموات جمع لأنه أراد الصنفين ، ومنه قول الأسود بن يعفر : % ( إن المنية والحتوف كلاهما % .
يوفي المحارم يرقبان سوادي .
) % .
لأنه أراد النوعين . وقال أبو البقاء : الضمير يعود على الجنسين . وقال الزمخشري : وإنما قال { كَانَتَا } دون كنّ لأن المراد جماعة { السَّمَاوَاتِ } وجماعة { الاْرْضِ } ونحوه قولهم : لقاحان سوداوان إن أراد جماعتان فعل في المضمر ما فعل في المظهر . وقال ابن عطية : وقال { كَانَتَا } من حيث هما نوعان ونحوه قول عمرو بن شييم : % ( ألم يحزنك أن جبال قيس % .
وتغلب قد تباينت انقطاعا .
) % .
قال ابن عباس والحسن وعطاء والضحاك وقتادة : كانتا شيئاً واحداً ففصل الله بينهما بالهواء . وقال كعب : خلق الله السموات والأرض بعضها على بعض ثم خلق ريحاً بوسطها ففتحها بها وجعل السموات سبعاً والأرضين سبعاً . وقال مجاهد والسدّي وأبو صالح : كانت السموات والأرض مؤتلفة طبقة واحدة ففتقها فجعلها سبع سموات ، وكذلك الأرضون كانت مرتتقة طبقة واحدة ففتقها وجعلها سبعاً . وقالت فرقة : السموات والأرض رتق بالظلمة وفتقها الله بالضوء . وقالت فرقة : السماء قبل المطر رتق ، والأرض قبل النبات رتق { فَفَتَقْنَاهُمَا } بالمطر والنبات كما قال { وَالسَّمَاء ذَاتِ الرَّجْعِ * وَالاَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ } قال ابن عطية : وهذا قول حسن يجمع العبرة وتعديد النعمة والحجة للمحسوس بين ، ويناسب قوله { وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَىْء حَىّ } أي من الماء الذي أوجده الفتق انتهى . .
وعلى هذين القولين تكون الرؤية من البصر وعلى ما قبلهما من رؤية القلب ، وجاء تقريرهم بذلك لأنه وارد في القرآن الذي هو معجزة في نفسه فقام مقام المرئي المشاهد ، ولأن تلاصق الأرض والسماء وتباينهما كلاهما جائز في العقل فلا بد للتباين دون التلاصق من مخصص ، وهو الله سبحانه وقرأ الجمهور { رَتْقاً } بسكون التاء وهو مصدر يوصف به كزور