@ 55 @ الحوفي والزمخشري في { أَرَءيْتَكَ } هنا هو الصحيح ، ولذلك قدر الاستفهام وهو لم كرمته عليّ فقد انعقد من قوله { هَاذَا الَّذِى * اللَّهُ عَلَىَّ } لم كرمته عليّ جملة من مبتدأ وخبر ، وصار مثل : زيد أيؤمن هو دخلت عليه { أَرَءيْتَكَ } فعملت في الأول ، والجملة الاستفهامية في موضع الثاني والمستقر في أرأيت بمعنى أخبرني أن تدخل على جملة ابتدائية يكون الخبر استفهاماً ، فإن صرح به فذلك واضح وإلاّ قدر . وقد أشبعنا الكلام في الأنعام وفي شرح التسهيل . .
وقال الفراء : هنا للكاف محمل من الإعراب وهو النصب أي أرأيت نفسك قال : وهذا كما تقول أتدبرت آخر أمرك . فإني صانع فيه كذا ، ثم ابتدأ { هَاذَا الَّذِى كَرَّمْتَ عَلَىَّ } انتهى . والرد عليه مذكور في علم النحو ، ولو ذهب ذاهب إلى أن هذا مفعول أول لقوله : { أَرَءيْتَكَ } بمعنى أخبرني والثاني الجملة القسمية بعده لا نعقادهما مبتدأ وخبراً قبل دخول { أَرَءيْتَكَ } لذلك مذهباً حسناً ، إذ لا يكون في الكلام إضمار ، وتلخص من هذا كله الكاف إما في موضع نصب وهذا مبتدأ ، وإما حرف خطاب وهذا مفعول بأرأيت بمعنى محذوف ، وهو الجملة الاستفهامية أو مذكور وهو الجملة القسمية ، ومعنى { لَئِنْ أَخَّرْتَنِ } أي أخرت مماتي وأبقيتني حياً . .
وقال ابن عباس : { لاحْتَنِكَنَّ } لأستولين عليهم وقاله الفراء . وقال ابن زيد لأضلنهم . وقال الطبري : لأستأصلن وكفر إبليس بجهله صفة العدل من الله حين لحقته الأنفة والكبر ، وظهر ذلك في قوله { قَالَ أَرَءيْتَكَ هَاذَا الَّذِى كَرَّمْتَ } إذ نص على أنه لا ينبغي أن يكرم بالسجود مني من أنا خير منه ، وأقسم إبليس على أنه يحتنك ذرية آدم وعلم ذلك إما بسماعه من الملائكة ، وقد أخبرهم الله به أو استدل على ذلك بقولهم : { أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء } أو نظر إليه فتوسم في مخايله أنه ذو شهوة وعوارض كالغضب ونحوه ، وأرى خلقته مجوفة مختلفة الأجزاء ، وقال الحسن : ظن ذلك لأنه وسوس إلى آدم فلم يجد له عز ما فظن ذلك بذريته وهذا ليس بظاهر لأن قول ذلك كان قبل وسوسته لآدم في أكل الشجرة ، واستثنى القليل لأنه علم أنه يكون في ذرية آدم من لا يتسلط عليه كما قال { لاَغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ } والأمر بالذهاب ليس على حقيقته من نقيض المجيء ولكن المعنى اذهب لشأنك الذي اخترته ، وعقبه بذكر ما جرّه سوء فعله من جزائه وجزاء اتباعه جهنم ، ولما تقدم اسم غائب وضمير خطاب غلب الخطاب فقال : { جَزَاؤُكُمْ } ويجوز أن يكون ضمير من على سبيل الالتفات والموفور المكمل ووفر متعد كقوله : % ( ومن يجعل المعروف من دون عرضه % .
يفره ومن لا يتق الشتم يشتم .
) % .
ولازم تقول وفر المال يفر وفوراً ، وانتصب { جَزَاء } على المصدر والعامل فيه { جَزَاؤُكُمْ } أو يجاوز مضمره أو على الحال الموطئة . وقيل : تمييز ولا يتعقل { وَاسْتَفْزِزْ } معطوف على فاذهب وعطف عليه ما بعده من الأمر وكلها بمعنى التهديد كقوله { اعْمَلُواْ مَا شِئْتُمْ } ومن في { مَنِ اسْتَطَعْتَ } موصولة مفعولة باستفزز . وقال أبو البقاء : { مِمَّنْ * اسْتَطَعْتَ } من استفهام في موضع نصب باستطعت ، وهذا ليس بظاهر لأن { * استفزز } ومفعول { فَإِن اسْتَطَعْتَ } محذوف تقديره { مَنِ اسْتَطَعْتَ } أن تستفزه والصوت هنا الدعاء إلى معصية الله . وقال مجاهد : الغناء والمزامير واللهو . وقال الضحاك : صوت المزمار وذكر الغزنوي أن آدم أسكن ولد هابيل أعلى الجبل وولد قابيل أسفله . وفيهم بنات حسان ، فزمر الشيطان فلم يتمالكوا أن انحدروا واقترنوا . وقيل : الصوت هنا الوسوسة . .
وقرأ الحسن { وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم } بوصل الألف وضم اللام من جلب ثلاثياً ، والظاهر أن إبليس له خيل ورجالة من الجن جنسه قاله قتادة ، والخيل تطلق على الأفراس حقيقة وعلى أصحابها مجازاً وهم الفرسان ، ومنه : يا خيل الله اركبي ، والباء في { بِخَيْلِكَ } قيل زائدة . وقيل : من الآدميين