@ 54 @ رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ولعنهم الله تعالى وفتنتهم أنهم كانوا ينتظرون بعثه الرسول عليه السلام ، فلما بعثه الله كفروا به وقالوا : ليس هو الذي كنا ننتظره فثبطوا كثيراً من الناس بمقالتهم عن الإسلام . وقيل بنو أمية حتى إن من المفسرين من لا يعبر عنهم إلاّ بالشجرة الملعونة لما صدر منهم من استباحة الدماء المعصومة وأخذ الأموال من غير حلها وتغيير قواعد الدين وتبديل الأحكام ، ولعنها في القرآن { أَلاَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ } إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة . .
وقرأ الجمهور : { الشَّجَرَةِ * الْمَلْعُونَةَ } عطفاً على { الرُّءيَا } فهي مندرجة في الحصر ، أي { وَمَا جَعَلْنَا الرُّءيَا الَّتِى أَرَيْنَاكَ } { وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ } في القرآن { إِلاَّ فِتْنَةً لّلنَّاسِ } . وقرأ زيد بن عليّ برفع { وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ } على الابتداء ، والخبر محذوف تقديره كذلك أي فتنة ، والضمير في { وَنُخَوّفُهُمْ } لكفار مكة . وقيل لملوك بني أمية بعد الخلافة التي قال النبيّ صلى الله عليه وسلم ) : ( الخلافة بعدي ثلاثون ثم تكون ملكاً عضوضاً ) والأول أصوب . وقرأ الأعمش : ويخوفهم بياء الغيبة والجمهور بنون العظمة . .
{ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إَلاَّ إِبْلِيسَ قَالَ أَءسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا * قَالَ أَرَءيْتَكَ هَاذَا الَّذِى كَرَّمْتَ عَلَىَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لاحْتَنِكَنَّ ذُرّيَّتَهُ إَلاَّ قَلِيلاً * قَالَ اذْهَبْ فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاء مَّوفُورًا * وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِى الاْمْوالِ وَالاْوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا } . .
مناسبة هذه الآية لما قبلها من وجهين . أحدهما أنه لما نازعوا الرسول علي السلام في النبوّة واقترحوا عليه الآيات كان ذلك لكبرهم وحسدهم للرسول صلى الله عليه وسلم ) على ما آتاه الله من النبوّة والدرجة الرفيعة ، فناسب ذكر قصة آدم عليه السلام وإبليس حيث حمله الكبر والحسد على الامتناع من السجود . والثاني أنه لما قال { فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَانًا كَبِيرًا } بين ما سبب هذا الطغيان وهو قول إبليس { لاحْتَنِكَنَّ ذُرّيَّتَهُ إَلاَّ قَلِيلاً } وانتصب { طِينًا } على الحال قاله الزجاج وتبعه الحوفي ، فقال : من الهاء في خلقته المحذوفة ، والعامل { خُلِقَتْ } والزمخشري فقال { طِينًا } أما من الموصول والعامل فيه { أَءسْجُدُ } على آسجد له وهو طين أي أصله طين ، أو من الراجع إليه من الصلة على آسجد لمن كان في وقت خلقه { طِينًا } انتهى . وهذا تفسير معنى . وقال أبو البقاء : والعامل فيه { خُلِقَتْ } يعني إذا كان حالاً من العائد المحذوف وأجاز الحوفي أن يكون نصباً على حذف من التقدير من طين كما صرح به في قوله { وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ } وأجاز الزجّاج أيضاً وتبعه ابن عطية أن يكون تمييزاً ولا يظهر كونه تمييزاً وقوله { أَءسْجُدُ } استفهام إنكار وتعجب . وبين قوله { أَءسْجُدُ } وما قبله كلام محذوف ، وكأن تقديره قال : لم لم تسجد لأدم قال : { أَءسْجُدُ } وبين قوله { أَرَءيْتَكَ } للخطاب وتقدّم الكلام عليها في سورة الأنعام ولا يلحق كاف الخطاب هذه إلاّ إذا كانت بمعنى أخبرني ، وبهذا المعنى قدرها الحوفي وتبعة الزمخشري وهو قول سيبويه فيها والزجّاج . .
قال الحوفي : و { أَرَءيْتَكَ } بمعنى عرفني وأخبرني ، وهذا منصوب بأرأيتك ، والمعنى أخبرني عن هذا الذي كرمته عليّ لم كرّمته عليّ وقد خلقتني من نار وخلقته من طين ، وحذف هذا لما في الكلام من الدليل عليه . وقال الزمخشري : الكاف للخطاب و { هَاذَا } مفعول به ، والمعنى أخبرني عن هذا الذي كرمته عليّ أي فضلته لم كرمته عليّ وأنا خير منه ، فاختصر الكلام بحذف ذلك ثم ابتدأ فقال : { لَئِنْ أَخَّرْتَنِ } . وقال ابن عطية : والكاف في { أَرَءيْتَكَ } حرف خطاب ومبالغة في التنبيه لا موضع لها من الإعراب فهي زائدة ، ومعنى أرأيت أتأملت ونحوه كان المخاطب بها ينبه المخاطب ليستجمع لما ينصه عليه بعد . وقال سيبويه : هي بمعنى أخبرني ومثل بقوله { أَرَءيْتَكَ } زيداً أيؤمن هو . وقاله الزجاج ولم يمثل ، وقول سيبويه صحيح حيث يكون بعدها استفهام كمثاله ، وأما في هذه الآية فهي كما قلت وليست التي ذكر سيبويه رحمه الله انتهى . وما ذهب إليه