@ 38 @ وتعالى يتعلق به على سبيل الأعمال إذ يصح لسبحان أن يتعلق به عن كما في قوله { سُبْحَانَ رَبّكَ رَبّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ } والتعالي في حقه تعالى هو بالمكانة لا بالمكان . وقرأ الأخوان : عما تقولون بالتاء من فوق وباقي السبعة بالياء . وانتصب { عَلَوْاْ } على أنه مصدر على غير الصدر أي تعالياً ووصف تكبيراً مبالغة في معنى البراءة والبعد عما وصفوه به لأن المنافاة بين الواجب لذاته والممكن لذاته ، وبين القديم والمحدث ، وبين الغني والمحتاج منافاة لا تقبل الزيادة ، ونسبة التسبيح للسموات والأرض ومن فيهن من ملك وإنس وجن حمله بعضهم على النطق بالتسبيح حقيقة ، وأن ما لا حياة فيه ولا نمو يحدث الله له نطقاً وهذا هو ظاهر اللفظ ، ولذلك جاء { وَلَاكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ } . وقال بعضهم : ما كان من نام حيوان وغيره يسبح حقيقة ، وبه قال عكرمة قال : الشجرة تسبح والأسطوانة لا تسبح . .
وسئل الحسن عن الخوان أيسبح ؟ فقال : قد كان يسبح مرة يشير إلى أنه حين كان شجرة كان يسبح ، وحين صار خواناً مدهوناً صار جماداً لا يسبح . وقيل : التسبيح المنسوب لما لا يعقل مجاز ومعناه أنها تسبح بلسان الحال حيث يدل على الصانع وعلى قدرته وحكمته وكماله ، فكأنها تنطق بذلك وكأنها تنزه الله عما لا يجوز عليه من الشركاء وغيرها . ويكون قوله : { وَلَاكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ } خطاباً للمشركين ، وهم وإن كانوا معترفين بالخالق أنه الله لكنهم لما جعلوا معه آلهة لم ينظروا ولم يقروا لأن نتيجة النظر الصحيح والإقرار الثابت خلاف ما كانوا عليه ، فإذا لم يفقهوا التسبيح ولم يستوضحوا الدلالة على الخالق فيكون التسبيح المسند إلى السموات والأرض ومن فيهن على سبيل المجاز قدراً مشتركاً بين الجميع ، وإن كان يصدر التسبيح حقيقة ممن فيهن من ملك وإنس وجان ولا يحمل نسبته إلى السموات والأرض على المجاز ، ونسبته إلى الملائكة والثقلين على الحقيقة لئلا يكون جمعاً بين المجاز والحقيقة بلفظ واحد . .
وقال ابن عطية ثم أعاد على السموات والأرض ضمير من يعقل لما أسند إليها فعل العاقل وهو التسبيح انتهى . ويعنى بالضمير في قوله { وَمَن فِيهِنَّ } وكأنه تخيل أن هن لا يكون إلاّ لمن يعقل من المؤنثات وليس كما تخيل بل هن يكون ضمير الجمع المؤنث مطلقاً . وقرأ النحويان وحمزة وحفص : تسبح بالتاء من فوق وباقي السبعة بالياء ، وفي بعض المصاحف سبحت له السموات بلفظ الماضي وتاء التأنيث وهي قراءة عبد الله والأعمش وطلحة بن مصرف . { إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا } حيث لا يعاجلكم بالعقوبة على سوء نظركم { غَفُوراً } إن رجعتم ووحدتم الله تعالى . .
{ وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرءانَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالاْخِرَةِ حِجَابًا مَّسْتُورًا * وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِىءاذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِى الْقُرْءانِ وَحْدَهُ وَلَّوْاْ عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً } . .
نزلت { وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرءانَ } في أبي سفيان والنضر وأبي جهل وأم جميل امرأة أبي لهب ، كانوا يؤذون الرسول إذا قرأ القرآن ، فحجب الله أبصارهم إذا قرأ فكانوا يمرون به ولا يرونه قاله الكلبي : وعن ابن عباس نزلت في امرأة أبي لهب ، دخلت منزل أبي بكر وبيدها فهر والرسول صلى الله عليه وسلم ) عنده ، فقالت : هجاني صاحبك ، قال : ما هو بشاعر ، قالت : قال { فِى جِيدِهَا حَبْلٌ مّن مَّسَدٍ } وما يدريه ما في جيدي ؟ فقال لأبي بكر : ( سلها هل ترى غيرك فإن ملكاً لم يزل يسترني عنها ) فسألها فقالت : أتهزأ بي ما أرى غيرك فانصرفت ولم تر الرسول صلى الله عليه وسلم ) . وقيل : نزلت في قوم