@ 30 @ .
{ وَلاَ تَقْرَبُواْ الزّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً * وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالحَقّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فّى الْقَتْلِ ( سقط : إنه كان منصورا ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنزا بالقسطاس المستقيم ذلك خير وأحسن تأويلا ) } : لما نهى تعالى عن قتل الأولاد نهى عن التسبب في إيجاده من الطريق غير المشروعة ، فنهى عن قربان الزنا واستلزم ذلك النهي عن الزنا ، والزنا الأكثر فيه القصر ويمد لغة لا ضرورة ، هكذا نقل اللغويون . ومن المدّ قول الشاعر وهو الفرزدق : % ( أبا حاضر من يزن يعرف زناؤه % .
ومن يشرب الخرطوم يصبح مسكرا ويروي أبا خالد . وقال آخر : .
.
) % .
كانت فريضة ما تقول كما .
كان الزناء فريضة الرجم .
) % .
وكان المعنى لم يزل أي لم يزل { فَاحِشَةً } أي معصية فاحشة أي قبيحة زائدة في القبح { وَسَاء سَبِيلاً } أي وبئس طريقاً طريقه لأنها سبيل تؤدّي إلى النار . وقال ابن عطية : و { سَبِيلاً } نصب على التمييز التقدير ، وساء سبيله انتهى . وإذا كان { سَبِيلاً } نصباً على التمييز فإنما هو تمييز للمضمر المستكن في { سَاء } ، وهو من المضمر الذي يفسره ما بعده ، والمخصوص بالذم محذوف ، وإذا كان كذلك فلا يكون تقديره وساء سبيله سبيلاً لأنه إذ ذاك لا يكون فاعله ضميراً يراد به الجنس مفسراً بالتمييز ، ويبقى التقدير أيضاً عارياً عن المخصوص بالذم ، وتقدّم تفسير قوله تعالى : { وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقّ } في أواخر الأنعام قال الضحاك : هذه أول ما نزل من القرآن في شأن القتل انتهى . .
ولما نهى عن قتل الأولاد وعن إيجادهم من الطريق غير المشروعة نهى عن قتل النفس فانتقل من الخاص إلى العام ، والظاهر أن هذه كلها منهيات مستقلة ليست مندرجة تحت قوله : { وَقَضَى رَبُّكَ } كاندراج { أَن لاَّ تَعْبُدُواْ } وانتصب { مَظْلُومًا } على الحال من الضمير المستكن في { قَتْلَ } والمعنى أنه قتل بغير حق ، { فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيّهِ } وهو الطالب بدمه شرعاً ، وعند أبي حنيفة وأصحابه اندراج من يرث من الرجال والنساء والصبيان في الولي على قدر مواريثهم ، لأن الولي عندهم هو الوارث هنا . وقال مالك : ليس للنساء شيء من القصاص ، وإنما القصاص للرجال . وعن ابن المسيب والحسن وقتادة والحكم : ليس إلى النساء شيء من العفو والدم وللسلطان التسلط على القاتل في الاقتصاص منه أو حجة يثبت بها عليه قاله الزمخشري . وقال ابن عطية : والسلطان الحجة والملك الذي جعل إليه من التخيير في قبول الدم أو العفو قاله ابن عباس والضحاك . وقال قتادة : السلطان القود وفي كتاب التحرير السلطان القوة والولاية . وقال ابن عباس : البينة في طلب القود . وقال الحسن القود . وقال مجاهد الحجة . وقال ابن زيد : الوالي أي والياً ينصفه في حقه ، والظاهر عود الضمير في { فَلاَ يُسْرِف } على الولي ، والإسراف المنهي عنه أن يقتل غير القاتل قاله ابن عباس والحسن ، أو يقتل اثنين بواحد قاله ابن جبير ، أو أشرف من الذي قتل قاله ابن زيد ، أو يمثل قاله قتادة ، أو يتولى القاتل دون السلطان ذكره الزجاج . .
وقال أبو عبد الله الرازي : السلطنة مجملة يفسرها { كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ } الآية ويدل عليه أنه مخير بين القصاص والدية وقوله عليه السلام يوم الفتح : ( من قتل قتيلاً فأهله بين خيرتين إن أحبوا قتلوا وإن أحبوا أخذوا الدية ) . فمعنى { فَلاَ يُسْرِف فّى الْقَتْلِ } لا يقدم على استيفاء القتل ، ويكتفي بأخذ الدية أو يميل إلى العفو ولفظة في محمولة على الباء أي فلا يصير مسرفا