@ 23 @ الابتداء و { أَن لاَّ تَعْبُدُواْ } الخبر . وفي مصحف ابن مسعود وأصحابه وابن عباس وابن جبير والنخعي وميمون بن مهران من التوصية . وقرأ بعضهم : وأوصى من الإيصاء ، وينبغي أن يحمل ذلك التفسير لأنها قراءة مخالفة لسواد المصحف والمتواتر هو { وَقُضِىَ } وهو المستفيض عن ابن مسعود وابن عباس وغيرهم في أسانيد القراء السبعة . { وَقُضِىَ } هنا قال ابن عباس والحسن وقتادة بمعنى أمر . وقال ابن مسعود وأصحابه : بمعنى وصى . وقيل : أوجب وألزم وحكم . وقيل : بمعنى أحكم . وقال ابن عطية : وأقول أن المعنى { وَقَضَى رَبُّكَ } أمره { أَن لاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ * إِيَّاهُ } وليس في هذه الألفاظ إلاّ أمر بالاقتصار على عبادة الله ، فذلك هو المقضي لا نفس العبادة ، والمقضي هنا هو الأمر انتهى . كأنه رام أن يترك قضى على مشهور موضوعها بمعنى قدر ، فجعل متعلقه الأمر بالعبادة لا العبادة لأنه لا يستقيم أن يقضي شيئاً بمعنى أن يقدر إلاّ ويقع ، والذي فهم المفسرون غيره أن متعلق قضى هو { أَن لاَّ تَعْبُدُواْ } وسواء كانت { ءانٍ } تفسيرية أم مصدرية . وقال أبو البقاء : ويجوز أن تكون في موضع نصب أي ألزم ربك عبادته و { لا } زائدة انتهى . وهذا وهم لدخول { إِلا } على مفعول { تَعْبُدُواْ } فلزم أن يكون منفياً أو منهياً والخطاب بقوله { لاَّ تَعْبُدُواْ } عامّ للخلق . وقال ابن عطية : ويحتمل أن يكون { قَضَى } على مشهورها في الكلام ويكون الضمير في { تَعْبُدُواْ } للمؤمنين من الناس إلى يوم القيامة انتهى . .
قال الحوفي : الباء متعلقة بقضى ، ويجوز أن تكون متعلقة بفعل محذوف تقديره وأوصى { وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْسَاناً } و { إِحْسَاناً } مصدر أي تحسنوا إحساناً . وقال ابن عطية : قوله { وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْسَاناً } عطف على أن الأولى أي أمر الله { أَن لاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ * إِيَّاهُ } وأن تحسنوا { وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْسَاناً } وعلى هذا الاحتمال الذي ذكرناه يكون قوله : { وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْسَاناً } مقطوعاً من الأول كأنه أخبرهم بقضاء الله ، ثم أمرهم بالإحسان إلى الوالدين . وقال الزمخشري : لا يجوز أن تتعلق الباء في { * بالوالدين } بالإحسان لأن المصدر لا تتقدم عليه صلته . وقال الواحدي في البسيط : الباء في قوله { * بالوالدين } من صلة الإحسان ، وقدمت عليه كما تقول : بزيد فامرر ، انتهى . وأحسن وأساء يتعدى بإلى وبالباء قال تعالى : { حَقّا وَقَدْ أَحْسَنَ بَى } وقال الشاعر : .
أسيئي بنا أو أحسني لا ملومة .
وكأنه تضمن أحسن معنى لطف ، فعدّي بالباء و { إِحْسَاناً } إن كان مصدراً ينحل لأن والفعل فلا يجوز تقديم متعلقه به ، وإن كان بمعنى أحسنوا فيكون بدلاً من اللفظ بالفعل نحو ضربا زيداً ، فيجوز تقديم معموله عليه ، والذي نختاره أن تكون { ءانٍ } حرف تفسير و { لاَّ تَعْبُدُواْ } نهي و { إِحْسَاناً } مصدر بمعنى الأمر عطف ما معناه أمر على نهي كما عطف في : .
يقولون لا تهلك أسى وتجمل .
وقد اعتنى بالأمر بالإحسان إلى الوالدين حيث قرن بقوله : { لاَّ تَعْبُدُواْ } وتقديمهما اعتناء بهما على قوله : { إِحْسَاناً } ومناسبة اقتران برّ الوالدين بإفراد الله بالعبادة من حيث أنه تعالى و الموجد حقيقة ، والوالدان وساطة في إنشائه ، وهو تعالى المنعم بإيجاده ورزقه ، وهما ساعيان في مصالحه . وقال الزمخشري : { أَمَّا } هي الشرطية زيدت عليها ما توكيداً لها ، ولذلك دخلت النون المؤكدة في الفعل ، ولو أفردت لم يصح دخولها لا تقول أن تكرمنّ زيداً يكرمك ، ولكن إما تكرمنه