@ 485 @ُ فَإِلَيْهِ تَجْئَرُونَ * ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مّنْكُم بِرَبّهِمْ يُشْرِكُونَ * لِيَكْفُرُواْ بِمَآ ءاتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } : لما ذكر انقياد ما في السموات وما في الأرض لما يريده تعالى منها ، فكان هو المتفرد بذلك . نهى أن يشرك به ، ودل النهي عن اتخاذ إلهين على النهي عن اتخاذ آلهة . ولما كان الاسم الموضوع للإفراد والتثنية قد يتجوز فيه فيراد به الجنس نحو : نعم الرجل زيد ، ونعم الرجلان الزيدان ، وقول الشاعر : % ( فإن النار بالعودين تذكي % .
وأن الحرب أولها الكلام .
) % .
أكد الموضوع لهما بالوصف ، فقيل : إلهين اثنين ، وقيل : إله واحد ، وقال الزمخشري : الاسم الحامل لمعنى الإفراد أو التثنية دال على شيئين : على الجنسية ، والعدد المخصوص . فإذا أردت الدلالة على أن المعنى به مبهم . والذي يساق به الحديث هو العدد شفع بما يؤكده ، فدل به على القصد إليه والعناية به . ألا ترى أنك إذا قلت : إنما هو إله ولم تؤكده بواحد ، لم يحسن ، وخيل : أنك تثبت الإلهية لا الوحدانية انتهى . والظاهر أن لا تتخذوا ، تعدى إلى واحد واثنين كما تقدم تأكيد . وقيل : هو متعد إلى مفعولين ، فقيل : تقدم الثاني على الأول وذلك جائز ، والتقدير : لا تتخذوا اثنين إلهين . وقيل : حذف الثاني للدلالة تقديره معبوداً واثنين على هذا القول تأكيد ، وتقرير منافاة الاثنينية للإلهية من وجود ذكرت في علم أصول الدين . ولما نهى عن اتخاذ الإلهين ، واستلزم النهي عن اتخاذ آلهة ، أخبر تعالى أنه إله واحد كما قال : { وَإِلَاهُكُمْ إِلَاهٌ واحِدٌ } بأداة الحصر ، وبالتأكيد بالوحدة . ثم أمرهم بأنْ يرهبوه ، والتفت من الغيبة إلى الحضور لأنه أبلغ في الرهبة ، وانتصب إياي بفعل محذوف مقدر التأخير عنه يدل عليه فارهبون ، وتقديره : وإياي ارهبوا . وقول ابن عطية : فإياي ، منصوب بفعل مضمر تقديره : فارهبوا إياي فارهبون ، ذهول عن القاعدة في النحو ، أنه إذا كان المفعول ضميراً منفصلاً والفعل متعدياً إلى واحد هو الضمير ، وجب تأخير الفعل كقولك : { إِيَّاكَ نَعْبُدُ } ولا يجوز أن يتقدم إلا في ضرورة نحو قوله : % ( إليك حين بلغت إياكا ثم التفت من التكلم إلى ضمير الغيبة فأخبر تعالى : أنّ له ما في السموات والأرض ، لأنه لما كان هو الإله الواحد الواجب لذاته كان ما سواه موجوداً بإيجاد وخلقه ، وأخبر أنّ له الدين واصباً . % .
قال مجاهد : الدين الإخلاص . وقال ابن جبير : العبادة . وقال عكرمة : شهادة أن لا إله إلا الله ، وإقامة الحدود والفرائض . وقال الزمخشري وابن عطية : الطاعة ، زاد ابن عطية : والملك . وأنشد : .
في دين عمرو وحالت بيننا فدك .
أي : في طاعته وملكه . وقال الزمخشري : أوله الحداد أي : دائماً ثابتاً سرمداً لا يزول ، يعني الثواب والعقاب .