@ 480 @ .
وهذا التخوف بمعنى التنقص ، قيل : من أعماله ، وقيل : يأخذ واحداً بعد واحد ، ورويا عن ابن عباس . وقال الزجاج : ينقص ثمارهم وأموالهم حتى يهلكهم . وقيل : على تخوف ، على خوف أن يعاقبهم أو يتجاوز عنهم قاله قتادة . وقال الزمخشري : على تخوف متخوفين ، وهو أن يهلك قوماً قبلهم فيتخوفوا ، فيأخذهم بالعذاب وهم متخوفون متوقعون ، وهو خلاف قوله : من حيث لا يشعرون انتهى . وقاله الضحاك ، يأخذ قرية فتخاف القرية الأخرى . وقال ابن بحر : على تخوف ضد البغتة أي : على حدوث حالات يخاف منها كالرياح والزلازل والصواعق ، ولهذا ختم بقوله تعالى : إن ربكم لرؤوف رحيم ، لأنّ في ذلك مهلة وامتداد وقت ، فيمكن فيه التلافي . وقال الليث بن سعد : على تخوف على عجل . وقيل : على تقريع بما قدّموه ، وهذا مروي عن ابن عباس . ولما كان تعالى قادراً على هذه الأمور ولم يعاجلهم بها ناسب وصفه بالرأفة والرحمة . .
{ أَوَ لَمْ * يَرَوْاْ إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِن شَىْء * يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالْشَّمَآئِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ داخِرُونَ * وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِى السَّمَاواتِ وَمَا فِى الاْرْضِ مِن دَآبَّةٍ وَالْمَلَئِكَةُ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ * يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } : لما ذكر تعالى قدرته على تعذيب الماكرين وإهلاكهم بأنواع من الأخذ ، ذكر تعالى طواعية ما خلق من غيرهم وخضوعه ضد حال الماكرين ، لينبههم على أنه ينبغي بل يجب عليهم أن يكونوا طائعين منقادين لأمره . وقرأ السلمي ، والأعرج ، والأخوان : أو لم تروا بتاء الخطاب إما على العموم للخلق استؤنف به الأخبار ، وإما على معنى : قل لهم إذا كان خطاباً خاصاً . وقرأ باقي السبعة بالياء على الغيبة . واحتمل أيضاً أن يعود الضمير على الذين مكروا ، واحتمل أن يكون إخباراً عن المكلفين ، والأول أظهر لتقدم ذكرهم . وقرأ أبو عمرو ، وعيسى ، ويعقوب : تتفيئوا بالتاء على لتأنيث ، وباقي السبعة بالياء . وقرأ الجمهور : ظلاله جمع ظل . وقرأ عيسى : ظلله جمع ظلة ، كحلة وحلل . والرؤية هنا رؤية القلب التي يقع بها الاعتبار ، ولكنها بواسطة رؤية العين . قيل : والاستفهام هنا معناه التوبيخ . قيل : ويجوز أن يكون معناه التعجب والتقدير : تعجبوا من اتخاذهم مع الله شريكاً وقد رأوا هذه المصنوعات التي أظهرت عجائب قدرته وغرائب صنعه ، مع علمهم بأنّ آلهتهم التي اتخذوها شركاء لا يقدر على شيء البتة . والجملة من قوله : تتفيئوا ، في موضع الصفة قاله الحوفي ، وهو ظاهر قول ابن عطية والزمخشري . قال ابن عطية : من شيء لفظ عام في كل ما اقتضته الصفة في قوله : تتفيؤ ظلاله ، لأنّ ذلك صفة لما عرض للعبرة في جميع الأشجاص التي لها ظل . وقال الزمخشري : وما موصولة بخلق الله وهو مبهم بيانه من شيء تتفيؤ ظلاله ، وقال غير هؤلاء : المعنى من شيء له ظل من جبل وشجر وبناء وجسم قائم ، وقوله : تتفيؤ ظلاله ، إخبار عن قوله من شيء وصف له ، وهذا الإخبار يدل على ذلك الوصف المحذوف الذي هو له ظل . وتتفيؤ تتفعل من الفيء ، وهو الرجوع يقال : فاء الظل يفيء فيأرجع ، وعاد بعدما نسخه ضياء الشمس . وفاء إذا عدي فبالهمزة كقوله : { مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ } أو بالتضعيف نحو : فيأ الله الظل فتفيأ ، وتفيأ من باب المطاوعة ، وهو لازم وقد استعمله أبو تمام متعدياً قال : % ( طلبت ربيع ربيعة الممهى لها % .
وتفيأت ظلالها ممدودا .
) %