@ 479 @ % ( ليتهم عذبوا بالنار جارهم % .
ولا يعذب إلا الله بالنار .
) % .
انتهى . وهذا الذي أجازه الحوفي والزمخشري لا يجوز على مذهب جمهور البصريين ، لأنهم لا يجيزون أن يقع بعد إلا ، إلا مستثنى ، أو مستثنى منه ، أو تابعاً ، وما ظن من غير الثلاثة معمولاً لما قبل إلاّ قدر له عامل . وأجاز الكسائي أن تقع معمولاً لما قبلها منصوب نحو : ما ضرب إلا زيد عمراً ، ومخفوض نحو : ما مرّ إلا زيد بعمرو ، ومرفوع نحو : ما ضرب إلا زيداً عمرو . ووافقه ابن الأنباري في الموفوع ، والأخفش في الظرف والجار والحال . فالقول الذي قاله الحوفي والزمخشري يتمشى على مذهب الكسائي والأخفش ، ودلائل هذه المذاهب مذكورة في علم النحو . وأجاز الزمخشري أن يكون صفة لرجال أي : رجالاً ملتبسين بالبينات فيتعلق بمحذوف ، وهذا وجه سائغ ، لأنه في موضع صفة لما بعد : إلا ، فوصف رجالاً بيوحى إليهم ، وبذلك العامل في بالبينات كما تقول : ما أكرمت إلا رجلاً مسلماً ملتبساً بالخير . وأجاز أيضاً أن يتعلق بيوحى إليهم ، وأن يتعلق بلا يعلمون . قال : على أنّ الشرط في معنى التبكيت والإلزام كقول الأجير : إن كانت علمت لك فاعطني حقي ، وقوله : فاسألوا أهل الذكر ، اعتراض على الوجوه المتقدمة يعني : من التي ذكر غير الوجه الأخير . وأنزلنا إليك الذكر : هو القرآن ، وقيل له ذكر لأنه موعظة وتبيه للغافلين . وقيل : الذكر العلم ما نزل إليهم من المشكل والمتشابه ، لأن النص والظاهر لا يحتاجان إلى بيان . وقال الزمخشري : مما أمروا به ونهوا عنه ، ووعدوا وأوعدوا . وقال ابن عطية : لتبين بسردك بنص القرآن ما نزل إليهم . ويحتمل أن يريد لتبين بتفسيرك المجمل وشرحك ما أشكل ، فيدخل في هذا ما تبينه السنة من أمر الشريعة ، وهذا قول مجاهد انتهى . ولعلهم يتفكرون أي : وإرادة أن يصغوا إلى تنبيهاته فيتنبهوا ويتأملوا ، والسيئات نعت لمصدر محذوف أي : المكرات السيئات قاله الزمخشري ، أو مفعول يمكروا على تضمين مكروا معنى فعلوا وعملوا ، والسيئات على هذا معاصي الكفر وغيره قاله قتادة ، أو مفعول بأمن ويعني به العقوبات التي تسوءهم ذكرهما ابن عطية . وعلى هذا الأخير يكون أن يخسف بدلاً من السيئات . وعلى القولين ، قبله مفعول بامن ، والذين مكروا في قول الأكثرين هم أهل مكة مكروا بالرسول صلى الله عليه وسلم ) . وقال مجاهد : هو نمرود ، والخسف بلع الأرض المخسوف به وقعودها به إلى أسفل . وذكر النقاش أنه وقع الخسف في هذه الأمة بهم الأرض كما فعل بقارون ، وذكر لنا أنّ أخلاطاً من بلاد الروم خسف بها ، وحين أحسن أهلها بذلك فرّ أكثرهم ، وأن بعض التجار ممن كان يرد إليها رأى ذلك من بعيد فرجع بتجارته . من حيث لا يشعرون : من الجهة التي لا شعور لهم بمجيء العذاب منها ، كما فعل بقوم لوط في تقلبهم في أسفارهم قاله قتادة ، أو في منامهم روي هذا وما قبله عن ابن عباس . وقال الضحاك ، وابن جريج ، ومقاتل : في ليلهم ونهارهم أي : حالة ذهابهم ومجيئهم فيمما . وقيل : في تقلبهم في مكرهم وحيلهم ، فيأخذهم قبل تمام ذلك . وقال الزجاج : جميع ما يتقلبون فيه ، فما هم بسابقين الله ولا فائتيه . والأخذ هنا الإهلاك كقوله : { فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنبِهِ } وعلى تخوف على تنقص قاله : ابن عباس ، ومجاهد ، والضحاك . وقال ابن قتيبة : يقال خوفته وتخوفته إذا تنقصته وأخذت من ماله وجسمه . وقال الهيثم بن عدي : هو النقص بلغة أزدشنوءة . وفي حديث لعمر أنه سأل عن التخوف ، فأجابه شيخ : بأنه التنقص في لغة هذيل . وأنشده قول أبي كثير الهذلي : % ( تخوف الرجل منها تامكاً قردا % .
كما تخوف عود النبة السقر .
) %