@ 345 @ والضمير في عليها وعنها في هاتين القراءتين يعود على الأرض ، وفي قراءة الجمهور وهي بجر الأرض ، يعود الضمير على آية أي : يمرون على تلك الآيات ويشاهدون تلك الدلالات ، ومع ذلك لا يعتبرون . وقرأ عبد الله : والأرض برفع الضاد ، ومكان يمرون يمشون ، والمراد : ما يرون من آثار الأمم الهالكة وغير ذلك من العبر . وهم مشركون جملة حالية أي : إيمانهم ملتبس بالشرك . وقال ابن عباس : هم أهل الكتاب ، أشركوا بالله من حيث كفروا بنبيه ، أو من حيث ما قالوا في عزير والمسيح . وقال عكرمة ، ومجاهد ، وقتادة ، وابن زيد : هم كفار العرب أقروا بالخالق الرازق المحيي المميت ، وكفروا بعبادة الأوثان والأصنام . وقال ابن عباس : هم الذين يشبهون الله بحلقه . وقيل : هم أهل مكة قالوا : لله ربنا لا شريك له ، والملائكة بناته ، فأشركوا ولم يوحدوا . وعن ابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، والشعبي ، وقتادة أيضاً ذلك في تلبيتهم يقولون : لبيك لا شريك لك ، إلا شريك هو لك تملكه وما ملك . وفي الحديث كان صلى الله عليه وسلم ) إذا سمع أحدهم يقول : لبيك لا شريك لك بقول له : ( قط قط ) أي قف هنا ولا تزد إلا شريك هولك وقيل : هم الثنوية قالوا بالنور والظلمة . وقال عطاء : هذا في الدعاء ينسى الكفار ربهم في الرخاء ، فإذا أصابهم البلاء أخلصوا في الدعاء . وقيل : هم المنافقون ، جهروا بالإيمان وأخفوا الكفر . وقيل : على بعض اليهود عبدوا عزيراً ، والنصارى عبدوا الكواكب . وقيل : قريش لما غشيهم الدخان في سني القحط قالوا : إنا مؤمنون ، ثم عادوا إلى الشرك بعد كشفه . وقيل : جميع الخلق مؤمنهم بالرسول وكافرهم ، فالكفار تقدم شركهم ، والمؤمنون فيهم الشرك الخفي ، وأقربهم إلى الكفر المشبهة . ولذلك قال ابن عباس : آمنوا محملاً ، وكفروا مفصلاً . وثانيها من يطيع الخلق بمعصية الخالق ، وثالثها من يقول : نفعني فلان وضرّني فلان . .
أفأمنوا : استفهام إنكار فيه توبيخ وتهديد ، غاشية نقمة تغشاهم أي ، تغظيهم كقوله : { يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ } وقال الضحاك : يعني الصواعق والقوارع انتهى . وإتيان الغاشية يعني في الدنيا ، وذلك لمقابلته بقوله أو تأتيهم الساعة أي يوم القيامة ، بغتة أي : فجأة في الزمان من حيث لا يتوقع ، وهم لا يشعرون تأكيد لقوله بغتة . قال الكرماني : لا يشعرون بإتيانها أي : وهم غيره مستعدين لها . قال ابن عباس : تأخذهم الصيحة على أسواقهم ومواضعهم . وقرأ أبو حفص ، وبشر بن عبيد : أو يأتيهم الساعة . .
{ قُلْ هَاذِهِ سَبِيلِى أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِى وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِى إِلَيْهِمْ مّنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِى الاْرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ } : لما تقدم من قول يوسف عليه السلام : { تَوَفَّنِى مُسْلِمًا } وكان قوله تعالى : { وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ } دالاً على أنه حارص على إيمانهم ، مجتهد في ذلك ، داع إليه ، مثابر عليه . وذكر { وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ } أشار إلى فيهم من