@ 338 @ وقال مجاهد : من يتقي في تركه المعصية ويصبر في السجن . وقال النخعي : من يتقي الزنا ويصبر على العزوبة . وقيل : ومن يتق الله ويصبر على المصائب . وقال الزمخشري : من يتق ، من يخف الله . وعقابه ويصبر عن المعاصي ، وعلى الطاعات . وقيل : من يتقي معاصي الله ، ويصبر على أذى الناس ، وهذه كلها تخصيصات بحسب حالة يوسف ونوازله . .
وقرأ قنبل : من يتقي ، فقيل : هو مجزوم بحذف الياء التي هي لام الكلمة ، وهذه الياء إشباع . وقيل : جزمه بحذف الحركة على لغة من يقول : لم يرمي زيد ، وقد حكوا ذلك لغة . وقيل : هو مرفوع ، ومن موصول بمعنى الذي ، وعطف عليه مجزوم وهو : ويصبر ، وذلك على التوهم . كأنه توهم أن من شرطية ، ويتقي مجزوم . وقيل : ويصبر مرفوع عطفاً على مرفوع ، وسكنت الراء لا للجزم ، بل لتوالي الحركات ، وإن كان ذلك من كلمتين ، كما سكنت في يأمركم ، ويشعركم ، وبعولتهن ، أو مسكناً للوقف ، وأجرى الوصل مجرى الوقف . والأحسن من هذه الأقوال أن يكون يتقي مجزوماً على لغة ، وإن كانت قليلة ، ولا يرجع إلى قول أبي علي قال : وهذا مما لا يحمل عليه ، لأنه إنما يجيء في الشعر لا في الكلام ، لأن غيره من رؤساء النحويين قد نقلوا أنه لغة . .
والمحسنين : عام يندرج فيه من تقدم ، أو وضع موضع الضمير لاشتماله على المتقين والصابرين كأنه قيل : لا يضيع أجرهم . وآثرك : فضلك بالملك ، أو بالصبر ، والعلم قالهما ابن عباس ، أو بالحلم والصفح ذكره أبو سليمان الدمشقي ، أو بحسن الخلق والخلق ، والعلم ، والحلم ، والإحسان ، والملك ، والسلطان ، وبصبرك على أذاناً قاله : صاحب الغنيان . أو بالتقوى ، والصبر وسيرة المحسنين قاله : الزمخشري ، وهو مناسب لقوله : { إِنَّهُ مَن يَتَّقِ } الآية وخطابهم إياه بذلك استنزال لإحسانه ، واعتراف بما صدر منهم في حقه . وخاطئين : من خطىء إذا تعمد . وأما أخطأ فقد الصواب ولم يوفق له . ولا تثريب : لا لوم ولا عقوبة . وتثريب اسم لا ، وعليكم الخبر ، واليوم منصوب بالعامل في الخبر أي : لا تثريب مستقر عليكم اليوم . وقال الزمخشري : ( فإن قلت ) : بم تعلق اليوم ؟ ( قلت ) : بالتثريب ، أو بالمقدر في عليكم من معنى الاستقرار ، أو بيغفر . والمعنى : لا أثربكم اليوم ، وهذا اليوم الذي هو مظنة التثريب فما ظنكم بغيره من الأيام . ثم ابتدأ فقال : يغفر الله لكم ، قد عالهم بمغفرة ما فرط منهم . يقال : غفر الله لك ، ويغفر الله لك على لفظ الماضي والمضارع جميعاً ، ومنه قول المشمت : يهديكم الله ويصلح بالكم . أو اليوم يغفر الله لكم بشارة بعاجل الغفران ، لما تجدد يومئذ من توبتهم وندمهم على خطيئتهم انتهى . أما قوله : إن اليوم يتعلق بالتثريب ، فهذا لا يجوز ، لأنّ التثريب مصدر ، وقد فصل بينه وبين معموله بقوله : عليكم . إما أن يكون خبراً ، أو صفة لتثريب ، ولا يجوز الفصل بينهما ، لأنّ معمول المصدر من تمامه . وأيضاً لو كان اليوم متعلقاً بتثريب لم يجز بناؤه ، وكان يكون من قبيل المشبه بالمضاف ، وهو الذي يسمى المطول ، ويسمى الممطول ، فكان يكون معرباً منوناً . وأما تقديره الثاني فتقدير حسن ، ولذلك وقف على قوله اليوم أكثر القراء . وابتدأوا بيغفر الله لكم على جهة الدعاء ، وهو تأويل ابن إسحاق والطبري . وأما تقديره الثالث وهو أن يكون اليوم متعلقاً بيغفر فمقبول ، وقد وقف بعض القراء على عليكم ، وابتدأ اليوم يغفر الله لكم . قال ابن عطية : والوقف على اليوم أرجح في المعنى ، لأنّ الآخر فيه حكم على مغفرة الله اللهم ، إلا أن يكون ذلك بوحي . وأما قوله : فبشارة إلى آخره ، فعلى طريقة المعتزلة ، فإنّ الغفران لا يكون إلا لمن تاب . قال ابن الأنباري : إنما أشار إلى ذلك اليوم لأنه أول أوقات العفو ، وسبيل العافي في مثله أن لا يراجع عقوبة ، . وأجاز الحوفي أن يكون عليكم في موضع الضفة لتثريب ، ويكون الخبر اليوم ، وهو وجه حسن . وقيل : عليكم بيان كذلك في قولهم : سقياً لك ، فيتعلق بمحذوف . ونصوا على أنه لا يجوز أن يتعلق عليكم بتثريب ، لأنه كان يعرب ، فيكون منوناً لأنه يصير من باب المشبه بالمضاف . ولو قيل : إن الخبر محذوف ، وعليكم متعلق بمحذوف يدل عليه تثريب ،