@ 279 @ أمر الدين ، قاله : ابن عباس ومجاهد ، أو المبين الهدى والرشد والبركة قاله قتادة ، أو المبين ما سألت عنه اليهود ، أو ما أمرت أن يسأل من حال انتقال يعقوب من الشام إلى مصر وعن قصة يوسف ، أو المبين من جهة بيان اللسان العربي وجودته ، إذ فيه ستة أحرف لم تجمع في لسان ، روي هذا عن معاذ بن جبل . قال المفسرون : وهي الطاء ، والظاء ، والضاد ، والصاد ، والعين ، والخاء انتهى . والضمير في إنا أنزلناه ، عائد على الكتاب الذي فيه قصة يوسف ، وقيل : على القرآن ، وقيل : على نبأ يوسف ، قاله الزجاج وابن الأنباري . وقيل : هو ضمير الإنزال . وقرآناً هو المطعوف به ، وهذان ضعيفان . وانتصب قرآناً ، قيل : على البدل من الضمير ، وقيل على الحال الموطئة . وسمي القرآن قرآناً لأنه اسم جنس يقع على القليل والكثير ، وعربياً منسوب إلى العرب . والعرب جمع عربي ، كروم ورومي ، وعربة ناحية دار إسماعيل بن إبراهيم عليهما الصلاة والسلام . قال الشاعر : % ( وعربة أرض ما يحل حرامها % .
من الناس إلا اللوذعي الحلاحل .
) % .
ويعني النبي صلى الله عليه وسلم ) أحلت له مكة . وسكن راء عربة الشاعر ضرورة . قيل : وإن شئت نسبت القرآن إليها ابتداء أي : على لغة أهل هذه الناحية . لعلكم تعقلون ما تضمن من المعاني ، واحتوى عليه من البلاغة والإعجاز فتؤمنون ، إذ لو كان بغير العربية لقيل : { لَوْلاَ فُصّلَتْ ءايَاتُهُ } . .
{ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَاذَا الْقُرْءانَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ * إِذْ قَالَ يُوسُفُ لاِبِيهِ ياأَبتِ * لاِبِيهِ ياأَبتِ إِنّى رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِى سَاجِدِينَ * قَالَ يابُنَىَّ لاَ تَقْصُصْ رُءيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ * وَكَذالِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الاْحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَىءالِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ } : القصص : مصدر قص ، واسم مفعول إما لتسميته بالمصدر ، وأما لكون الفعل يكون للمفعول ، كالقبض والنقص . والقصص هنا يحتمل الأوجه الثلاثة . فإن كان المصدر فالمراد بكونه أحسن أنه اقتص على أبدع طريقة ، وأحسن أسلوب . ألا ترى أنّ هذا الحديث مقتص في كتب الأولين ، وفي كتب التواريخ ، ولا ترى اقتصاصه في كتاب منها مقارباً لاقتصاصه في القرآن ، وإن كان المفعول فكان أحسنه لما يتضمن من العبر والحكم والنكت والعجائب التي ليستفي غيره . والظاهر أنه أحسن ما يقص في بابه كما يقال للرجل : هو أعلم الناس وأفضلهم ، يراد في فنه . .
وقيل : كانت هذه السورة أحسن القصص لانفرادها عن سائرها بما فيها من ذكر الأنبياء ، والصالحين ، والملائكة ، والشياطين ، والجن ، والإنس ، والأنعام ، والطير ، وسير الملوك ، والممالك ، والتجار ، والعلماء ، والرجال ، والنساء وكيدهن ومكرهن ، مع ما فيها من ذكر التوحيد ، والفقه ، والسير ، والسياسة ، وحسن الملكة ، والعفو عند المقدرة ، وحسن المعاشرة ، والحيل ، وتدبير المعاش ، والمعاد ، وحسن العاقبة ، في العفة ، والجهاد ، والخلاص من المرهوب إلى المرغوب ، وذكر الحبيب والمحبوب ، ومرأى السنين وتعبير الرؤيا ، والعجائب التي تصلح للدين والدنيا . وقيل : كانت أحسن القصص لأنّ كل من ذكر فيها كان مآله إلى السعادة . انظر إلى يوسف وأبيه وأخوته وامرأة العزيز والملك أسلم بيوسف وحسن إسلامه . ومعبر الرؤيا الساقي ، والشاهد فما يقال . وقيل : أحسن هنا ليست أفعل التفضيل ، بل هي بمعنى حسن ، كأنه قيل : حسن القصص ، من باب إضافة الصفة إلى الموصوف أي : القصص الحسن . وما في بما أوحينا مصدرية أي : بإيحائنا . وإذا كان القصص مصدراً فمفعول نقص من حيث المعنى هو هذا القرآن ، إلا أنه من باب الإعمال ، إذ تنازعه نقص . وأوحينا فاعمل الثاني على الأكثر ، والضمير في من قبله يعود على الإيحاء . وتقدمت مذاهب النحاة في أن المخففة ومجيء اللام في ثاني الجزءين . ومعنى من الغافلين : لم يكن لك شعور