@ 235 @ لخزنتها . والذين آمنوا معه قيل : كانوا أربعة آلاف ، قيل : ثلاثة آلاف . والظاهر تعلق برحمة منا بقوله : نجينا أي ، نجيناهم بمجرد رحمة من الله لحقتهم ، لا بأعمالهم الصالحة . أو كنى بالرحمة عن أعمالهم الصالحة ، إذ توفيقهم لها إنما هو بسبب رحمته تعالى إياهم . ويحتمل أن يكون متعلقاً بآمنوا أي : أنّ إيمانهم بالله وبتصديق رسوله إنما هو برحمة الله تعالى إياهم ، إذ وفقهم لذلك . وتكررت التنجية على سبيل التوكيد ، ولفلق من لو لاصقت منا فأعيدت التنجية وهي الأولى ، أو تكون هذه النتيجة هي من عذاب الآخرة ولا عذاب أغلظ منه ، فأعيدت لأجل اختلاف متعلقيها . .
وقال الزمخشري : ( فإن قلت ) : فما معنى تكرير التنجية ؟ ( قلت ) : ذكر أولاً أنه حين أهلك عدوهم نجاهم ثم قال ونجيناهم من عذاب غليظ على معنى ، وكانت التنجية من عذاب غليظ قال : وذلك أن الله عز وعلا بعث عليهم السموم ، فكانت تدخل في أنوفهم وتخرج من أدبارهم وتقطعم عضواً عضواً انتهى . وهذا قاله الزجاج . وقال ابن عطية : ويحتمل أن يريد ، وكانت النجاة المتقدمة من عذاب غليظ يريد الريح ، فيكون المقصود على هذا تعديد النعمة ، والمشهور في عذابهم بالريح أنها كانت تحملهم وتهدم مساكنهم وتنسفها ، وتحمل الظعينة كما هي ، ونحو هذا . وتلك عاد إشارة إلى قبورهم وآثارهم كأنه قال : { فَسِيحُواْ فِى الاْرْضِ } فانظروا إليها واعتبروا ، ثم استأنف الأخبار عنهم فقال : جحدوا بآيات ربهم أي : أنكروها . وأضاف الآيات إلى ربهم تنبيهاً على أنه مالكهم ومربيهم ، فأنكروا آياته ، والواجب إقرارهم بها . وأصل جحد أن يتعدى بنفسه ، لكنه أجرى مجرى كفر فعدى بالباء ، كما عدى كفر بنفسه في قوله : إلا أن عادا كفروا ربهم ، إجراء له مجرى جحد . وقيل : كفر كشكر يتعدى تارة بنفسه ، وتارة بحرف جر . وعصوا رسله ، قيل : عصوا هوداً والرسل الذين كانوا من قبله ، وقيل : ينزل تكذب الرسول الواحد منزلة تكذيب الرسل ، لأنهم كلهم مجمعون على الإيمان بالله والإقرار بربوبيته كقوله : { لاَ نُفَرّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مّن رُّسُلِهِ } وأتبعوا أي : اتبع سقاطهم أمر رؤسائهم وكبرائهم ، والمعنى : أنهم أطاعوهم فيما أمروهم به . قال الكلبي : الجبار هو الذي يقتل على الغضب ، ويعاقب على المعصية ، وقال الزجاج : هو الذي يجبر الناس على ما يريد . وذكر ابن الأنباري : أنه العظيم في نفسه ، المتكبر على العباد . والظاهر أن قوله : واتبعوا عام في جميع عاد . وقال الزمخشري : لما كانوا تابعين له دون الرسل جعلت اللعنة تابعة لهم في الدارين تكبهم على وجوههم في عذاب الله انتهى . فظاهر كلامه يدل على أن اللعنة مختصة بالتابعين للرؤساء ، ونبه على علة اتباع اللعنة لهم في الدارين بأنهم كفروا ربهم ، فالكفر هو الموجب للعنة . ثم كرر التنبيه بقوله : ألا في الدعاء عليهم تهويلاً لأمرهم ، وتفظيعاً له ، وبعثاً على الاعتبار بهم والحذر من مثل حالهم . وفائدة قوله : قوم هود مزيد التأكيد للمبالغة في التنصيص ، أو تعيين عاد هذه من عاد ارم ، لأنّ عاد إثنان ولذلك قال تعالى : وأنه أهلك ، عاد الأولى فتحقق أن الدعاء على عاد هذه ، ولم تلتبس بغيرها . .
2 ( { وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ ياقَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَاهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُمْ مِّنَ الاٌّ رْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّى قَرِيبٌ مُّجِيبٌ * قَالُواْ ياصَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَاذَا أَتَنْهَانَآ أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ ءابَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِى شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَآ إِلَيْهِ مُرِيبٍ * قَالَ ياقَوْمِ أَرَءَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةً مِّن رَّبِّى وَءَاتَانِى مِنْهُ رَحْمَةً فَمَن يَنصُرُنِى مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِى