@ 222 @ يده لا تخطىء ، فكانوا يمرون به ويقولون : هذا الذي يزعم أنه نبي صار نجاراً ؟ وقيل : كانت الملائكة تعلمه ، واستأجر أجراء كانوا ينحتون معه ، وأوحى الله إليه أن عجل عمل السفينة فقد اشتد غضبي على من عصاني ، وكان سام وحام ويافث ينحتون معه ، والخشب من الساج قاله : قتادة ، وعكرمة ، والكلبي . قيل : وغرسه عشرين سنة . وقيل : ثلاثمائة سنة يغرس ويقطع وييبس . وقال عمرو بن الحرث : لم يغرسها بل قطعها من جبل لبنان . وقال ابن عباس : من خشب الشمشار ، وهو البقص قطعة من جبل لبنان . واختلفوا في هيئتها من التربيع والطول ، وفي مقدار مدة عملها ، وفي المكان الذي عملت فيه ، ومقدار طولها وعرضها ، على أقوال متعارضة لم يصح منها شيء . وسخريتهم منه لكونهم رأوه يبني السفينة ولم يشاهدوا قبلها سفينة بنيت ، قالوا : يا نوح ما تصنع ؟ قال : ابني بيتاً يمشي على الماء ، فعجبوا من قوله وسخروا منه قاله : مقاتل . وقيل : لكونه يبني في قرية لا قرب لها من البحر ، فكانوا يتضاحكون ويقولون : يا نوح صرت نجاراً بعدما كنت نبياً . وكلما ظرف العامل فيه سخروا منه ، وقال : مستأنف على تقدير سؤال سائل . وجوزوا أن يكون العامل قال : وسخروا صفة لملا ، أو بدل من مرّ ، ويبعد البدل لأنّ سخر ليس في معنى مرّ لا يراد ذا ولا نوعاً منه . قال ابن عطية : وسخروا منه استجهلوه ، فإن كان الأمر كما روي أنهم لم يكونوا رأوا سفينة قط ، ولا كانت ، فوجه الاستجهال واضح ، وبذلك تظاهرت التفاسير ، وإن كانت السفائن جينئذ معروفة فاستجهلوه في أنّ صنعها في قرية لا قرب لها من البحر انتهى ، فأنا نسخر منكم في المتقبل كما تسخرون منا الآن أي : مثل سخريتكم إذا أغرقتم في الدنيا ، وأحرقتم في الآخرة ، أو إن تستجهلونا فيما نصنع فإنا نستجهلكم فيما أنتم عليه من الكفر والتعريض لسخط الله وعذابه ، فأنتم أولى بالاستجهال منا قال : قريباً من معناه الزجاج . أو إن تستجهلونا فإنا نستجهلكم في استجهالكم ، لأنكم لا تستجهلون إلا عن جهل بحقيقة الأمر ، وبناء على ظاهر الحال ، كما هو عادة الجهلة في البعد عن الحقائق . وقال ابن جريج : إن يسخروا منا في الدنيا فإنا نسخر منكم في الآخرة . والسخرية استجهال مع استهزاء . وفي قوله : فسوف تعلمون ، تهديد بالغ ، والعذاب المخزي الغرق ، والعذاب المقيم عذاب الآخرة ، لأنه دائم عليهم سرمد . ومن يأتيه مفعول بتعلمون ، وما موصولة ، وتعدى تعلمون إلى واحد استعمالاً لها استعمال عرف في التعدية إلى واحد . وقال ابن عطية : وجائز أن تكون التعدية إلى مفعولين ، واقتصر على الواحد انتهى . ولا يجوز حذف الثاني اقتصاراً ، لأنّ أصله خبر مبتدأ ، ولا اختصاراً هنا ، لأنه لا دليل على حذفه وتعنتهم بقوله : من يأتيه . وقيل : مَن استفهام في موضع رفع على الابتداء ، ويأتيه الخبر ، والجملة في موضع نصب ، وتعلمون معلق سدت الجملة مسد المفعولين . وحكى الزهراوي أنه يقرأ ويحل بضم الحاء ، ويحل بكسرها بمعنى ويجب . قال الزمخشري : حلول الدين والحق اللازم الذي لا انفكاك له عنه ، ومعنى يخزيه : يفضحه ، أو يهلكه ، أو يذله ، وهو الغرق . أقوال متقاربة حتى إذا جاء أمرنا تقدم الكلام على دخول حتى على إذا في أوائل سورة الأنعام ، وهي هنا غاية لقوله : ويصنع الفلك . ويصنع كما قلنا حكاية حال أي : وكان يصنع الفلك إلى أن جاء وقت الوعد الموعود . والجملة من قوله : وكلما مرّ عليه حال ، كأنه قيل : وينصعها ، والحال أنه كلما مر ، وأمرنا واحد الأمور ، أو مصدر أي : أمرنا بالفوران أو للسحاب بالإرسال ، وللملائكة بالتصرف في ذلك ، ونحو هذا مما يقدر في النازلة . وفار : معناه انبعث بقوة ، والتنور وجه الأرض ، والعرب تسميه تنوراً قاله : ابن عباس ، وعكرمة ، والزهري ، وابن عيينة ، أو التنور الذي يخبز فيه ، وكان من حجارة ، وكان لحواء حتى صار لنوح قاله : الحسن ، ومجاهد ، وروي أيضاً عن ابن عباس . وقيل : كان لآدم ، وقيل : كان تنور ، نوح ، أو أعلى الأرض والمواضع المرتفعة قاله : قتادة ، أو العين التي بالجزيرة عين الوردة رواه عكرمة ، أو من أقصى دار نوح قاله : مقاتل ، أو موضع اجتماع الماء في السفينة ، روي عن الحسن ، أو طلوع الشمس وروي عن علي ، أو نور الصبح من قولهم :