@ 189 @ سلاح . وقيل : نتركك حتى تغرق ، والنجاء الترك . وقيل : نجعلك علامة ، والنجاء العلامة . وقيل : نغرقك من قولهم : نجى البحر أقواماً إذا أغرقهم . وقال الكرماني : يحتمل أن يكون من النجاة وهو الإسراع أي : نسرع بهلاكك . وقيل : معنى ببدنك بصورتك التي تعرف بهما ، وكان قصيراً أشقر أزرق قريب اللحية من القامة ، ولم يكن في بني إسرائيل شبيه لع يعرفونه بصورته ، وببدنك إذا غنى به الجثة تأكيد كما تقول : قال فلان بلسانه وجاء بنفسه . .
وقرأ يعقوب : ننجيك مخففاً مضارع أنجى . وقرأ أبيّ وابن السميقع ، ويزيد البربري : ننحيك بالحاء المهملة من التنحية . ورويت عن ابن مسعود أي : نلقيك بناحية مما يلي البحر . قال كعب : رماه البحر إلى الساحل كأنه نور . وقرأ أبو حنيفة : بأبدانك أي بدروعك ، أو جعل كل جزء من البدن بدناً كقولهم : شابت مفارقه . وقرأ ابن مسعود ، وابن السميقع : بندائك مكان ببدنك ، أي : بدعائك ، أي بقولك آمنت إلى آخره . لنجعلك آية مع ندائك الذي لا ينفع ، أو بما ناديت به في قومك . ونادى فرعون في قومه فحشر فنادى فقال : أنا ربكم الأعلى ، ويا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري . ولما كذبت بنو إسرائيل بغرق فرعون رمى به البحر على ساحله حتى رأوه قصيراً أحمر كأنه ثور . لمن خلفك لمن وراءك علامة وهم بنو إسرائيل ، وكان في أنفسهم أن فرعون أعظم شأناً من أن يغرق ، وكان مطرحه على ممر بني إسرائيل حتى قيل لمن خلفك آية . وقيل : لمن يأتي بعدك من القرون ، وقيل : لمن بقي من قبط مصر وغيرهم . وقرىء : لمن خلفك بفتح اللام أي : من الجبابرة والفراعنة ليتعظوا بذلك ، ويحذروا أن يصيبهم ما أصابك إذا فعلوا فعلك . ومعنى كونه آية : أن يظهر للناس عبوديته ومهانته ، أو ليكون عبرة يعتبر بها الأمم . وقرأت فرقة : لمن خلقك من الخلق وهو الله تعالى أي : ليجعلك الله آية له في عباده . وقيل : المعنى ليكون طرحك على الساحل وحدك ، وتمييزك من بين المغرقين لئلا يشتبه على الناس أمرك ، ولئلا يقولوا لادعائك العظمة : إنّ مثله لا يغرق ولا يموت ، آية من آيات الله التي لا يقدر عليها غيره ، وإن كثيراً من الناس ظاهره الناس كافة ، قاله الحسن . وقال مقاتل : من أهل مكة عن آياتنا أي : العلامات الدالة على الوحدانية وغيرها من صفنات العلى ، لغافلون لا يتدبرون ، وهذا خبر في ضمنه توعد . .
{ وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِى إِسْراءيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْنَاهُمْ مّنَ الطَّيّبَاتِ فَمَا اخْتَلَفُواْ حَتَّى جَاءهُمُ الْعِلْمُ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِى بَيْنَهُمْ يَوْمَ } : لما ذكر تعالى ما جرى لفرعون وأتباعه من الهلاك ، ذكر ما أحسن به لبني إسرائيل وما امتن به عليهم ، إذ كان بنو إسرائيل قد أخرجوا من مساكنهم خائفين من فرعون ، فذكر تعالى أنه اختار لهم من الأماكن أحسنها . والظاهر أنّ بني إسرائيل هم الذين كانوا آمنوا بموسى ونجوا من الغرق ، وسياق الآيات يشهد لهم . وقيل : هم الذين كانوا بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم ) من بني إسرائيل قريظة والنضير وبني قينقاع ، وانتصب مبوأ صدق على أنه مفعول ثان لبوأنا كقوله : { لَنُبَوّئَنَّهُمْ مّنَ الْجَنَّةِ غُرَفَاً } وقيل : يجوز أن يكون مصدراً . ومعنى صدق أي : فضل وكرامة ومنة { فِى مَقْعَدِ صِدْقٍ } . وقيل : مكان صدق الوعد ، وكان وعدهم فصدقهم وعده . وقيل : صدق تصدّق به عليهم ، لأن الصدقة والبر من الصدق . وقيل : صدق فيه ظن قاصده وساكنه . وقيل : منزلاً صالحاً مرضياً ، وعن ابن عباس : هو الأردن وفلسطين . وقال الضحاك وابن زيد ، وقتادة : الشام وبيت المقدس . وقال مقاتل : بيت المقدس . وعن الضحاك أيضاً : مصر ، وعنه أيضاً : مصر والشام . قال ابن عطية : والأصح أنه الشام وبيت المقدس