@ 188 @ استمر ، وبعث الله ميكائيل عليه السلام يسوق الناس حتى حصل جميعهم في البحر فانطبق عليهم . وقرأ الجمهور : أنه بفتح الهمزة على حذف الباء . وقرأ الكسائي وحمزة : بكسرها على الاستئناف ابتداء كلام ، أو بدلاً من آمنت ، أو على إضمار القول أي : قائلاً أنه . ولما حلقه من الدهش ما لحقه كرر المعنى بثلاث عبارات ، إما على سبيل التلعثم إذ ذلك مقام تحار فيه القلوب ، أو حرصاً على القبول ولم يقبل الله منه إذ فاته وقت القبول وهو حالة الاختيار وبقاء التكليف ، والتوبة بعد المعاينة تنفع . ألا ترى إلى قوله تعالى : { فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا * سُنَّتُ * اللَّهِ الَّتِى قَدْ خَلَتْ فِى عِبَادِهِ } وتقدم الخلاف في قراءة آلآن في قوله : { وَقَدْ كُنتُم بِهِ } والمعنى : أتؤمن الساعة في حال الاضطرار حين أدركك الغرق وأيست من نفسك ؟ قيل : قال ذلك حين ألجمه الغرق . وقيل : بعد أنْ غرق في نفسه . قال الزمخشري : والذي يحكى أنه حين قال : آمنت ، أخذ جبريل من حال البحر فدسه في فيه ، فللغضب في الله تعالى على حال الكافر في وقت قد علم أن إيمانه لا ينفعه . وأما ما يضم إليه من قولهم خشيت أن تدركه رحمة الله تعالى فمن زيادات الباهتين لله تعالى وملائكته ، وفيه جهالتان : إحداهما : أنّ الإيمان يصح بالقلب كإيمان الأخرس ، فحال البحر لا يمنعه . والآخر : أن من كره الإيمان الكافر وأحب بقاءه على الكفر فهو كافر ، لأنّ الرضا بالكفر كفر . والظاهر أن قوله : آلآن إلى آخره من كلام الله له على لسان ملك . فقيل : هو جبريل . وقيل : ميكائيل . وقيل : غيرهما ، لخطابه فاليوم ننجيك . وقيل : من قول فرعون في نفسه وإفساده ولضلالة الناس ، ودعواه الربوبية . { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ * زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يُفْسِدُونَ } فاليوم ننجيك الظاهر أنه خبر . وقيل : هو استفهام فيه تهديد أي : أفاليوم ننجيك ؟ فهلا كان الإيمان قبل الإشراف على الهلاك ، وهذا بعيد لحذف همزة الاستفهام ولقوله : لتكون لمن خلفك لآية ، لأنّ التعليل لا يناسب هنا الاستفهام . قال ابن عباس : ننجيك نلقيك بنجوة من الأرض وهي المكان المرتفع ، ببدنك بدرعك ، وكان من لؤلؤ منظوم لا مثال له . وقيل : من ذهب . وقيل : من حديد وفيها سلاسل من ذهب . والبدن بدن الإنسان ، والبدن الدرع القصيرة . قال : % ( ترى الأبدان فيها مسبغات % .
على الأبطال والكلب الحصينا .
) % .
يعني : الدروع . وقال عمرو بن معدي كرب : % ( أعاذل شكتي بدني وسيفي % .
وكل مقلص سلس القياد .
) % .
وكانت له درع من ذهب يعرف بها ، وقيل : نلقيك ببدنك عرياناً ليس عليك ثياب ولا سلاح ، وذلك أبلغ في إهانته . وقيل : نخرجك صحيحاً لم يأكلك شيء من الدواب . وقيل : يدنا بلا روح قاله مجاهد . وقيل : نخرجك من ملكك وحيداً فريداً . وقيل : نلقيك في البحر من النجاء ، وهو ما سلخته عن الشاة أو ألقيته عن نفسك من ثياب أو