@ 159 @ محذوف ، والتقدير : ولكن أنزل للتصديق . وقيل : انتصب على المصدر ، والعامل فيه فعل محذوف . وقرأ عيسى بن عمر : تفصيل وتصديق بالرفع ، وفي يوسف خبر مبتدأ محذوف أي : ولكن هو تصديق . كما قال الشاعر : % ( ولست الشاعر السفساف فيهم % .
ولكن مده الحرب العوالي .
) % .
أي ولكن أنا . وزعم الفراء ومن تابعه أنّ العرب إذا قالت ولكن بالواو آثرت تشديد النون ، وإذا لم تكن الواو آثرت التخفيف . وقد جاء في السبعة مع الواو التشديد والتخفيف ، ولا ريب فيه داخل في حيز الاستدراك كأنه قيل : ولكن تصديقاً وتفصيلاً منتفياً عنه الريب ، كائناً من رب العالمين . قال الزمخشري : ويجوز أن يراد ولكن كان تصديقاً من رب العالمين وتفصيلاً منه في ذلك ، فيكون من رب العالمين متعلقاً بتصديق وتفصيل ، ويكون لا ريب فيه اعتراضاً كما تقول : زيد لا شك فيه كريم انتهى . فقوله : فيكون من رب العالمين متعلقاً بتصديق وتفصيل ، إنما يعني من جهة المعنى ، وأما من جهة في البقرة في قوله : { ذالِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ } وجمع بينه وبين قوله : { وَإِن كُنتُمْ فِى رَيْبٍ مّمَّا نَزَّلْنَا } . .
{ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مّثْلِهِ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } : لما نفى تعالى أن يكون القرآن مفترى ، بل جاء مصدقاً لما بين يديه من الكتب وبياناً لما فيها ، ذكر أعظم دليل على أنه من عند الله وهو الإعجاز الذي اشتمل عليه ، فأبطل بذلك دعواهم افتراءه ، وتقدم الكلام على ذلك مشبعاً في البقرة في قوله : { وَإِن كُنتُمْ فِى رَيْبٍ } الآية . وأم متضمنة معنى بل ، والهمزة على مذهب سيبويه أي : أيقولون اختلقه . والهمزة تقرير لالتزام الحجة عليهم ، أو إنكار لقولهم واستبعاد . وقالت فرقة : أم هذه بمنزلة همزة استفهام . وقال أبو عبيدة : أم بمعنى الواو ومجازه ، ويقولون افتراه . وقيل : الميم صلة ، والتقدير أيقولون . وقيل : أم هي المعادلة للهمزة ، وحذفت الجملة قبلها والتقدير : أيقرون به أم يقولون افتراه . وجعل الزمخشري قل فأتوا جملة شرط محذوفة فقال : قل إن كان الأمر كما تزعمون فأتوا أنتم على وجه الافتراء بسورة مثله ، فأنتم مثله في العربية والفصاحة والألمعية ، فأتوا بسورة مثله شبيهة به في البلاغة وحسن النظم انتهى . والضمير في مثله عائد على القرآن أي : بسورة مماثلة للقرآن ، وتقدم الكلام لنا فيما وقع به الإعجاز . .
وقرأ عمرو بن قائد بسورة مثله على الإضافة أي : بسورة كتاب أو كلام مثله أي : مثل القرآن . وقال صاحب اللوامح : هذا مما حذف الموصوف منه وأقيمت الصفة مقامه أي : بصورة بشر مثله ، فالهاء في ذلك واقعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ) ، وفي العامة إلى القرآن . وادعوا من استطعتم أن تدعوه من خلق الله إلى الاستعانة على الإتيان بمثله من دونن الله أي : من غير الله ، لأنه لا يقدر على أن يأتي بمثله أحد إلا الله ، فلا تستعينوه وحده ، واستعينوا بكل من دونه إن كنتم صادقين في أنه افتراه . وقد تمسك المعتزلة بهذه الآية على خلق القرآن قالوا : لأنه تحدّى به وطلب الإتيان بمثله وعجزوا ، ولا يمكن هذا إلا إذا كان الإتيان بمثله صحيح الوجود في الجملة ، ولو كان قديماً لكان الإتيان بمثل القديم محالاً في نفس الأمر ، فوجب أن لا يصح التحدي به . وقال أبو عبد الله الرازي : مراتب التحدي بالقرآن ست تحدّ بكل القرآن في : { قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ } الآية ، وتحد بعشر سور ، وتحدّ بسورة واحدة ، وتحد بحديث مثله في قوله : { فَلْيَأْتُواْ بِحَدِيثٍ مّثْلِهِ } وفي هذه الأربع طلب أن يعارض رجل يساوي الرسول في عدم التتلمذ والتعليم ، وتحد طلب منهم معارضة سورة واحدة من أي إسنان كان تعلم العلوم أو لم يتعلمها ، وفي هذه المراتب الخمس تحدى كل واحد من الخلق ، وتحد طلب من المجموع واستعانة بعض ببعض انتهى ملخصاً