@ 149 @ .
وقيل للغائب عن أهله عازب ، حتى قالوه لمن لا زوجة له . .
{ لّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } : أحسنوا قال ابن عباس : ذكروا كلمة لا إله إلا الله . وقال الأصم : أحسنوا في كل ما تعبدوا به أي : أتوا بالمأمور به كما ينبغي ، واجتنبوا المنهى . وقيل : أحسنوا معاملة الناس . وروي أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ) : ( أحسنوا العمل في الدنيا ) وفي الصحيح : ( ما الإحسان ؟ قال : أن تعبد الله كأنك تراه ، فإنْ لم تكن تراه فإنه يراك ) وعن عيسى عليه السلام : ليس الإحسان أن تحسن إلى من أحسن إليك ذلك مكافأة ، ولكنّ الإحسان أن تحسن إلى من أساء إليك ) . .
والحسنى قال الأكثرون : هي الجنة ، وروي ذلك عن الرسول صلى الله عليه وسلم ) ، ولو صح وجب المصير إليه . وقال الطبري : الحسنى عام في كل حسن ، فهو يعم جميع ما قبل ووعد الله في جميعها بالزيادة ، ويؤيد ذلك أيضاً قوله : أولئك أصحاب الجنة . ولو كان معنى الحسنى الجنة لكان في القول تكرير في المعنى . وقال عبد الرحمن بن سابط : هي النضرة . وقال ابن زيد : الجزاء في الآخرة . وقيل : الأمنية ذكره ابن الأنباري . وقال الزمخشري : المثوبة الحسنى وزيادة ، وما يزيد على المثوبة وهو التفضل ، ويدل عليه قوله تعالى : { وَيَزِيدَهُم مّن فَضْلِهِ } وعن علي : الزيادة غرفة من لؤلؤة واحدة . وعن ابن عباس : الحسنى الحسنة والزيادة عشرة أمثالها . وعن الحسن : عشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف . وعن مجاهد : الزيادة مغفرة من الله ورضوان . وعن زياد بن شجرة : الزيادة أنّ تمر السحابة بأهل الجنة فتقول : ما تريدون أن أمطركم ؟ فلا يريدون شيئاً إلا أمطرتهم . وزعمت المشبهة والمجبرة أن الزيادة النظر إلى وجه الله تعالى ، وجاءت بحديث موضوع : { إِذَا دَخَلُواْ * أَهْلُ * الْجَنَّةِ * الْجَنَّةِ * الَّذِي يُصَوّرُكُمْ فِي الاْرْحَامِ كَيْفَ يَشَاء لا إِلَاهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * هُوَ الَّذِى أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ } انتهى . أما تفسيره أولا ونقله عمن ذكر تفسير الزيادة فهو نص الجبائي ونقله ، وأما قوله : وجاءت بحديث موضوع فليس بموضوع ، بل خرجه مسلم في صحيحه عن صهيب ، والنسائي عنه عن الرسول صلى الله عليه وسلم ) ، وخرجه ابن المبارك في دقائقه موقوفاً على أبي موسى وقال : بأن الزيادة هي النظر إلى الله تعالى أبو بكر الصديق ، وعلي بن أبي طالب ، في رواية وحذيفة ، وعبادة بن الصامت ، وكعب بن عجرة ، وأبو موسى ، وصهيب ، وابن عباس في رواية ، وهو قول جماعة من التابعين . ومسألة الرؤية يبحث فيها في أصول الدين . قال مجاهد : أراد ولا يلحقها خزي ، والخزي يتغير به الوجه ويسود . قال ابن ابن عباس : والذلة الكآبة . وقال غيره : الهوان . وقيل : الخيبة نفي عن المحسنين ما أثبت للكفار من قوله : { وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ } وقوله : { عَلَيْهَا غَبَرَةٌ * تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ } وكنى بالوجه عن الجملة لكونه أشرفها ، ولظهور أثر السرور والحزن فيه . وقرأ الحسن ، وأبو رجاء ، وعيسى بن عمر ، والأعمش : قتر بسكون التاء ، وهي لغة كالقدر ، والقدر وجعلوا أصحاب الجنة لتصرفهم فيها كما يتصرف الملاك على حسب اختيارهم . .
{ وَالَّذِينَ كَسَبُواْ السَّيّئَاتِ جَزَاء سَيّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَّا لَهُمْ مّنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِّنَ } : لما ذكر ما أعد للذين أحسنوا وحالهم يوم القيامة ومآلهم إلى الجنة ، ذكر ما أعد لأضدادهم وحالهم ومآلهم ، وجاءت صلة المؤمنين أحسنوا ، وصلة الكافرين كسبوا السيئات ، تنبيهاً على أنّ المؤمن لما خلق على الفطرة وأصلها بالإحسان ، وعلى أن الكافر لما خلق على الفطرة انتقل عنها وكسب السيئات ، فجعل ذلك محسناً ، وهذا كاسباً للسيئات ، ليدل على أنّ المؤمن سلك ما ينبغي ، وهذا سلك ما لا ينبغي . والظاهر أنّ والذين مبتدأ ، وجوزوا في الخبر وجوهاً أحدها : أنه الجملة التي بعده وهي جزاء سيئة بمثلها