@ 136 @ أبي قيس العامري ، والعاص بن وائل . وقيل : الخمسة الوليد ، والعاصي ، والأسود بن المطلب ، والأسود بن عبد يغوث ، والحرث بن حنظلة ، وروي هذا عن ابن عباس . .
قال الزمخشري : غاظهم ما في القرآن من ذم عبادة الأوثان والوعيد للمشركين فقالوا : ائت بقرآن آخر ليس فيه ما يغيظنا من ذلك نتبعك . وقال ابن عطية : نزلت في قريش لأن بعض كفار قريش قال هذه المقالة على معنى : ساهلنا يا محمد ، واجعل هذا الكلام الذي من قبلك هو باختيارنا ، وأحل ما حرمته ، وحرم ما أحللته ، ليكون أمرنا حينئذ واحداً وكلمتنا متصلة انتهى . ونبه تعالى على الوصف الحامل لهم على هذه المقالة ، وهو كونهم لا يؤمنون بالبعث والجزاء على ما اقترفوه ، والمعنى : وإذا تسرد عليهم آيات القرآن واضحات نيرات لا لبس فيها قالوا كيت وكيت ، وأضيفت الآيات إليه تعالى لأنها كلامه جل وعز ، والتبديل يكون في الذات بأن يجعل بدل ذات ذات أخرى ، ويكون في الصفة . والتبديل هنا هو في الصفة ، وهو أن يزال بعض نظمه بأن يجعل مكان آية العذاب آية الرحمة ، ولا يراد بالتبديل هنا أن يكون في الذات ، لأنه يلزم جعل الشيء المقتضي للتغابر هو الشيء بعينه ، لأن التبديل في الذات هو الإتيان بقرآن غير هذا . ولما كان الآيتان بقرآن غير هذا غير مقدور للإنسان لم يحتج إلى نفيه ونفي ما هو مقدور للإنسان ، وإن كان مستحيلاً ذلك في حقه صلى الله عليه وسلم ) فقيل له : قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي . وانتفاء الكون هنا هو كقوله تعالى : { مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُواْ شَجَرَهَا } أي يستحيل ذلك . ويحتمل أن يكون التبديل في الذات عل أن يلحظ في قوله : ائت بقرآن غير هذا ، بقاء هذا القرآن ويؤتى بقرآن غيره ، فيكون أو بدله بمعنى أزله بالكلية وائت ببدله ، فيكون المطلوب أحد أمرين : إما إزالته بالكلية وهو التبديل في الذات ، أو الإتيان بغيره مع بقائه فيحصل التغاير بين المطلوبين . وتلقاء مصدر التبيان ، ولم يجيء مصدر على تفعال غيرهما ، ويستعمل ظرفاً للمقابلة تقول : زيد تلقاءك . وقرىء بفتح التاء ، وهو قياس المصادر التي للمبالغة كالتطواف والتجوال والترداد والمعنى : من قبل نفسي أن أتبع فيما آمركم به وما أنهاكم عنه من غير زيادة ولا نقصان ، ولا تبديل إلا ما يجيئني خبره من السماء . واستدل بقوله : إنْ أتبع إلا ما يوحى إليّ على نفي الحكم بالاجتهاد ، وعلى نفي القياس ، وإنما قالوا : ائت بقرآن غير هذا أو بدله ، لأنهم كانوا لا يعترفون بأنّ القرآن معجز ، أو إن كانوا عاجزين عن الإتيان بمثله . ألا ترى إلى قولهم : لو نشاء لقلنا مثل هذا وقولهم : { افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا } ولا يمكن أن يريدوا إئت بقرآن غير هذا أو بدله من جهة الوحي لقوله : إني أخاف . .
قال الزمخشري : ( فإن قلت ) : فما كان غرضهم وهم أدهى الناس وأنكرهم في هذا الاقتراح ؟ ( قلت ) : المكر والكيد . أما اقتراح إبدال قرآن بقرآن ففيه إنه من عندك ، وإنك لقادر على مثله ، فأبدل مكانه آخر . وأما اقتراح التبديل والتغيير فللظمع ولاختبار الحال ، وأنه إن وجد منه تبديل فإما أن يهلكه الله فننجو منه ، أو لا يهلكه فيسخروا منه ، ويجعلوا التبديل حجة عليه وتصحيحاً لافترائه على الله تعالى انتهى . وإن عصيت بالتبديل من تلقاء نفسي ، وتقدم اتباع الوحي ، وتركي العمل به ، وهو شرط جوابه محذوف دل عليه ما قبله . واليوم العظيم : هو يوم القيامة ، ووصف بالعظم لطوله ، أو لكثرة شدائده ، أو للمجموع . وانظر إلى حسن هذا الجواب