@ 129 @ .
وقرأ عبد الله ، وأبو جعفر ، والأعمش ، وسهل بن شعيب : أنه يبدأ بفتح الهمزة . قال الزمخشري : هو منصوب بالفعل ، أي : وعد الله تعالى بدء الخلق ثم إعادته ، والمعنى : إعادة الخلق بعد بدنة . وعد الله على لفظ الفعل ، ويجوز أن يكون مرفوعاً بما نصب حقاً أي : حق حقاً بدء الخلق كقوله : % ( أحقاً عباد الله أن لست جائيا % .
ولا ذاهباً إلا عليّ رقيت .
) % .
انتهى . وقال ابن عطية : وموضعها النصب على تقدير أحق أنه . وقال الفراء : موضعها رفع على تقدير لحق أنه . قال ابن عطية : ويجوز عندي أن يكون أنه بدلاً من قوله : وعد الله . قال أبو الفتح : إن شئت قدرت لأنه يبدأ ، فمن في قدرته هذا فهو غني عن إخلاف الوعد ، وإن شئت قدرت وعد الله حقاً أنه يبدأ ولا يعمل فيه المصدر الذي هو وعد الله ، لأنه قد وصف ذلك بتمامه وقطع عمله . وقرأ ابن أبي عبلة : حق بالرفع ، فهذا ابتداء وخبره أنه انتهى . وكون حق خبر مبتدأ ، وأنه هو المبتدأ هو الوجه في الإعراب كما تقول : صحيح إنك تخرج ، لأنّ اسم أنّ معرفة ، والذي تقدمها في نحو هذا المثال نكرة . والظاهر أنّ بدء الخلق هو النشأة الأولى ، وإعادته هو البعث من القبور ، وليجزي متعلق بيعيده أي : ليقع الجزاء على الأعمال . وقيل : البدء من التراب ، ثم يعيده إلى التراب ، ثم يعيده إلى البعث . وقيل : البدء نشأته من الماء ، ثم يعيده من حال إلى حال . وقيل : يبدؤه من العدم ، ثم يعيده إليه ، ثم يوجده . وقيل : يبدؤه في زمرة الأشقياء ، ثم يعيده عند الموت إلى زمرة الأولياء ، وبعكس ذلك . وقرأ طلحة : يبدىء من أبدأ رباعياً ، وبدأ وأبدأ بمعنى ، وبالقسط معناه بالعدل ، وهو متعلق بقوله : ليجزي أي : ليثيب المؤمنين بالعدل والإنصاف في جزائهم ، فيوصل كلاًّ إلى جزائه وثوابه على حسب تفاضلهم في الأعمال ، فينصف بينهم ويعدل ، إذ ليسوا كلهم مساوين في مقادير الثواب ، وعلى هذا يكون بالقسط منه تعالى . قال الزمخشري : أو يقسطهم بما أقسطوا أو عدلوا ولم يظلموا حين آمنوا وعملوا الصالحات ، لأنّ الشرك ظلم قال الله تعالى : { إِنَّ الشّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } والعصاة ظلام لأنفسهم ، وهذا أوجه لمقابلة قوله : بما كانوا يكفرون انتهى ، فجعل القسط من فعل الذين آمنوا وهو على طريقة الاعتزال ، والظاهر أنّ والذين كفروا مبتدأ ، ويحتمل أن يكون معطوفاً على قوله : الذين آمنوا ، فيكون الجزاء بالعدل قد شمل الفريقين . ولما كان الحديث مع الكفارة مفتتح السورة معهم ، ذكر شيئاً من أنواع عذابهم فقال : { لَهُمْ شَرَابٌ مّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ } وتقدم شرح هذا في سورة الأنعام . .
.
) % .
{ هُوَ الَّذِى جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذالِكَ إِلاَّ بِالْحَقّ } : لما ذكرتعالى الدلائل على ربوبيته من إيجاد هذا العالم العلوي والسفلي ، ذكر ما أودع في العالم العلوي من هذين الجوهرين النيرين المشرقين ، فجعل الشمس ضياءً أي : ذات ضياء أو مضيئة ، أو نفس الضياء مبالغة وجعل يحتمل أن تكون بمعنى صير ، فيكون ضياء مفعولاً ثانياً . ويحتمل أن تكون بمعنى خلق فيكون حالاً ، والقمر نوراً أي : ذا نور ، أو منور أو نفس النور مبالغة ، أو هما مصدران . وقيل : يجوز أن يكون ضياء جمع كحوض وحياض ، وهذا فيه بعد . ولما كانت الشمس أعظم جرماً خصت بالضياء لأنه هو الذي له سطوع ولمعان ، وهو أعظم من النور . قال أرباب علم الهيئة : الشمس قدر الأرض مائة مرة وأربعاً وستين مرة ، والقمر ليس